إصدار جديد : الأسطورة والرواية المغربية" للدكتور عبد اللطيف حسو
صدر عن دار دفاتر الاختلاف للنشر شهر نونبر 2012 كتاب نقدي موسوم ب"الأسطورة والرواية المغربية" للدكتور عبد اللطيف حسو، كتاب شيق يغري بالقراءة يحتوي على 100 صفحةـ يتطرق بالتحليل والنقد للخطاب الآسطوري في الرواية المغربية ، وقد تطرق الكاتب في مقدمته إلى علاقة الخطاب الاسطوري بإشكالية توظيفه سردياـ جاء فيها:
عرف الخطاب الأسطوري في العقدين الأخيرين تطورا هائلا, إن على مستوى إقبال المتلقين عليه أو على مستوى استلهامه من قبل المبدعين بشتى أصنافهم ومشاربهم وكذا تخصصاتهم، والذين عملوا كل من موقعه على توظيف هذا الخطاب, كل من زاوية نظره، ووفق رؤيته الخاصة، محاولين بذلك مواءمته، وملاءمته، وتطويعه للنوع الإبداعي، الذي يشتغل فيه كل مبدع، وحسب ما يخدم مشروعه الثقافي و الفكري, إذ الملاحظ أن جل المبدعين وجدوا ضالتهم في هذا الخطاب الذي استجاب و يستجيب لكل حاجيات المبدعين والكتاب على اختلاف مشاربهم الثقافية و الفكرية, من شعراء وروائيين ومسرحيين وقصاصين ورسامين تشكيليين ومغنيين...فالأسطورة هي حكاية البدايات الأولى تتحدث عن الآلهة و الأدوار التي تلعبها هذه الآلهة إنها تحكي عن العصور الغابرة، عن الوجود، عن حقيقة الكون و الكائن، عن الحقيقة الكلية، عن مجال مفتوح على المدهش والعجيب و الخارق و المعجزات بكل ما تحويه هذه الكلمات من معاني. إنها ضرب من الأسرار التي ينبغي الغوص في أعماقها لسبر أغوارها، وكشف أسرارها فهي عالم ثري بالرموز و الدلالات ويحتاج إلى سنن و مفاتيح للكشف عن أقنانها، إنها عوالم فسيحة رحبة تنضح وتصدح بالمتعة والمغامرة و تغري بالإرتماء في أحضانها، إنها رسالة تواصلية تنتظر من يفك رموزها لتشرع أبوابها ونوافذها في وجهه, مرحبة بقدومه ومثنية على ذكائه ودهائه.
وإذا كان مرسيا إلياد يرى بأن الأسطورة تروي قصة مقدسة فهي استلهام لحكايات وقعت في زمن البدايات الأولى للإنسان و الكون، لكن صياغتها بلباقة تعطيها زخما يجعلها تقدم دروسا وعبرا تستفيد منها الناشئة. إنها استرجاع للماضي واستشراف للمستقبل.
وإذا كانت الثقافة العربية ترى بأن الأسطورة هي الأكاذيب والأباطيل، فإننا نرى أنها الحقيقة في أبهى صورها وتمثلاتها وتجلياتها، فغايتها الرئيسة تأسيس النظام والاستقرار في المجتمعات والعالم الطبيعي بشكل عام. إنها ركيزة مهمة تسهم بنسبة هامة في صنع التاريخ. إنها الحقيقة بامتياز على حد تعبير الدكتور يونس لوليدي. فالأسطورة ترتبط ارتباطا وثيقا بالخيال، بل إنه من أهم سماتها، وهو ما يهبها المفتاح السحري وتأشيرة العبور إلى كل العوالم، مما يفتح آفاقا رحبة تسمح للفنان بحرية التحليق دون عوائق كابحة،محطمة لآماله و أحلامه.
إن الوظيفة الإيديولوجية التي تهدف إليها الأسطورة هي الكشف عن الخبايا والخفايا وكشف المستور من أجل تحقيق هدفها الأسمى والأعلى المتمثل في كشف الحقيقة. وإزالة القناع عن الإستغلال الإجتماعي والإقتصادي الذي يسود المجتمع وتوضيح رغبة الطبقة المستغلة في الإستمرار في استغلالها للفئات المستضعفة ورغبة ونزوع هذه الأخيرة في الإنعتاق والتحرر.
لقد حاولت الرواية على غرار باقي الأجناس الأخرى استلهام الأسطورة وتوظيفها, مما أضفى عليها رونقا وجمالية، خاصة لحظة الجمع بين ما هو أسطوري في قالب روائي يحلق بالملتقى في عوالم مليئة بالتشويق والإثارة. ولعل الرواية المغربية التي عرفت تراكما لا يستهان به منذ تسعينيات القرن الماضي، خطت لنفسها مسارا متميزا، إذ ظهر على الواجهة الثقافية الروائية المغربية العديد من الروائيين المغاربة المبدعين والذين خطوا أسماءهم في هذا النوع من الكتابة بماء من عسجد سيظل شاهدا على شموخهم وروعة إبداعهم على الرغم من العوائق والصعوبات التي يعاني منها الكاتب في المغرب والمتمثلة في صعوبة النشر وارتفاع تكلفته المادية مما يؤخر بل قد يكون سببا في حجب مجموعة لا يستهان بها من الإبداعات ذات القيمة الإبداعية.
وقد حاولنا في هذا المؤلف أن نبرز حضور الخطاب الأسطوري في مجموعة من الإبداعات الروائية المغربية مبرزين علو كعب، بعض المبدعين الروائيين الذين اهتموا بهذا النوع من الكتابة أمثال محمد السرغيني والميلودي شغموم...