Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
6 mars 2010 6 06 /03 /mars /2010 23:43
mohamed-motasim--72-.jpg
القصة  القصيرة جدا: مساهمة في النقاش

محمد معتصم الناقد الأدبي
   

1/ من الواضح اليوم أن هناك توجها في القصة المغربية ينحو جهة ترسيخ القصة القصيرة جدا كخيار نوعي للتعبير عن الوعي بالمرحلة الثقافية. يدل على ذلك عدد المجاميع القصصية الصادرة خلال السنتين الأخيرتين وما قبلها بقليل، واختيار بعض الكُتّاب الالتزام بهذا النمط من الكتابة المختزلة، وعدد اللقاءات التي تنظم حول هذا النوع التعبيري القصصي… كل هذه المظاهر تدل على أن هناك رغبة عند الجيل الجديد في التميز عبر الكتابة في نوع قصصي جديد.
2/ السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هو: هل تكفي الرغبة فردية أو جماعية في ترسيخ نوع أدبي محدد ضدا على أنواع أدبية أخرى سابقة عليه؟
والجواب، لو كانت الرغبة وحدها كافية لساءت أحوال الأدب، وفسدت الأذواق. بينما إذا توفرت الشروط الموضوعية الثقافية والسياسية والاجتماعية إضافة إلى الرغبة اللحظة التاريخية وسياقاتها التعبيرية يمكن أن تجد الأنماط سبيلها إلى المتلقين وتُرَسَّخَ كخيارٍ استراتيجي يلبي حاجيات ثقافية وإبداعية.
والحال أن هناك عددا من المعطيات التي تدعم هذا الخيار، ولا أجد شخصيا الحاجة إلى الدعوة إلى إلغاء اختيارات تعبيرية قصصية أخرى ما تزال الساحة الثقافية والمرحلة التاريخية في حاجة إليها، خصوصا وأنها في طور التشكل الفني والتجدد في الموضوعات (المضامين) وفورة توليد الأشكال الجمالية،،، من تلك الخيارات الأشكال التواصلية الحديثة المصاحبة للتقنية الحديثة (الحواسيب، والهواتف النقالة، وشبكة الانترنيت الدولية، والكتاب الإلكتروني…) وقد أثَّرَتْ فعلا في طريقة التلقي (القراءة على شاشة الحاسوب سريعا وفي أماكن مغلقة وأوقات محددة)، وطريقة الكتابة (الكتابة الإلكترونية والرقمية)، وطريقة التفاعل مع النصوص الرقمية والإلكترونية.
لقد أثرت الرسائل القصيرة على الهاتف المحمول (النقال والخلوي) في حجم النصوص، ولغة الكتابة، وطريقة التخاطب، وبالتالي محتوى الرسائل (خطية وصوتية ومصورة).
3/ هل التقنية الجديدة وحدها التي أثرت على/في الكتابة وطرائق التلقي المعاصرة؟ أو هل هناك مرجعية تقليدية للقصة القصيرة جدا في الثقافة العربية؟
من الطبيعي أن يتأثر الأدب بما يحيط به ويعاصره، لكن لا يوجد نوع تعبيري بدون جذور تاريخية/نوعية. لذلك أرى أن عددا من نماذج القصة القصيرة جدا المغربية يحيل على بعض هذه الأشكال التعبيرية (غير المكتملة) فنيا وشكلا لكنها ذات الوظائف الإبلاغية والترفيهية من قبيل: الخبر والطُّرْفة، والحدُّوثة، والأمثولة…
فالنص الخبري والنص الطرفة والنص الحكاية (الحدوثة) كانوا جميعا مكملات لمتون أخرى مركزية. وتمثلت وظيفة هذه النصوص (الملحقة) في إضاءة الجوانب الغامضة في المتون المركزية التاريخية والوعظية يساعدها في ذلك النص (الإيقوني) القصير، واللغة التعبيرية المُخْتَزَلَةُ المخفَّفَةُ من الحشو والإطناب والمحسنات البلاغية التي تزخر بها المتون المركزية، ووضوحُ الهدفِ والقصد…
4/ لا غرابة أن تَمِيلَ العربيةُ والعربيُّ إلى الاختزال والوضوح والقصد في التعبير، نثرا وشعرا، وأمثلة سائرة، لأن في الحذف تختزن طاقة الإبداع، وحرفية المتكلم المبدع الذي ينظم حبات العقيق في الخيط متراصة متناغمة متناسقة تنضح بالمعنى. كذلك ينبغي أن تكون القصة القصيرة جدا مستفيدة من الطاقة الباطنية الكثيفة التي تحفز وعي المتلقي على تجلية المعاني الخفية في ذهنه والمماثلة لما تختزنه القصة القصيرة جدا تركيبا ومحتوى وغاية.
هذه المصطلحات وما يحوم في محيطها حدود ناظمة لنوع القصة القصيرة جدا: التناسق وتناغم المكونات، والحذف، والاختزال، والقصد، والوضوح في المعنى، والإحالة الدالة على مرجع/ سَنَدٍ نصي أو بصري أو صوتي، وكذلك الإحالة على مرجعية ثقافية أو سياسية أو اجتماعية أو واقعة تاريخية أو شخصية محددة… والاقتصاد اللغوي، والقول الحكمي، والعبرة والخبر والحدوثة والمثل السائر الموحي المؤشر على القصة (المثل).
5/ هذه المصطلحات كأعمدة تقوم عليها الكتابة القصصية القصيرة جدا تطرح أسئلة جوهرية حول القصة القصيرة جدا وآفاقها الممكنة أو المستحيلة من قبيل السؤال عن التحديد النوعي للقصة القصيرة جدا، وكذلك السؤال حول مفهوم السرد القصصي، وأيضا حول مفهوم الحكاية.
إنها أسئلة جوهرية، فإذا كانت الأنواع القصصية (الرواية والقصة والقصة القصيرة والأقصوصة) تُحَدَّدُ كخطابات سردية ووصفية، تروي وقائعَ وأحداثا واقعيةً أو متخيلةً، في خطٍّ سردي خَطِّيٍّ أو متعرج أو استرجاعي أو متداخل … وقعت لشخصيات في مكان وزمان محددين واقعيين أو متخيلين، فهل تندرج القصة القصيرة جدا ضمن هذا التعريف؟
إن الاختزال الشديد الذي جعل من بعض القصص القصيرة جدا مجرد لفظة واحدة أو مجرد جملة قصيرة (مسند ومسند إليه) أو قد يكتب بعضهم مجرد شبه جملة أو مجرد صوت (صوت حركة إرادية أو لاإرادية) يقتل مفهومين مركزيين في الكتابة القصصية وهما السرد (وضمنه طبعا الوصف) والحكاية (وضمنها المكونات الأساس: الأحداث، والشخصيات القصصية، والزمان، والمكان).
فالسرد هو الطريقة التي يرى بها السارد إلى الحكاية، أي في الطريقة التي تنظم بها مكونات وعناصر ومقومات الحكاية. لكن القصة القصيرة جدا، وفي كثير من نماذجها المنشورة بالمجاميع القصصية أو على صفحات الإنترنيت، تفتقر إلى السردية [المتواليات السردية أو المتواليات الحدثية (من الحدث)/الحكائية (من الحكاية)]، والحذف والاقتصاد والاختزال والرغبة في تكثيف المعنى، كل ذلك أخل بالبنية الحكائية.
حول هذين المصطلحين أركز سؤالي عن أفق القصة القصيرة جدا، وهو سؤال يقود حتما نحو السؤال عن جوهر القصة القصيرة جدا؛ أي هل هي نوع قصصي أم أنها جنس أدبي، مع العلم أن النوع يمكنه أن يكون هجينا (خليطا مركبا) يحتوى خصائص مشتركة بينه وبين الأنواع المجاورة له، بينما الجنس خالص وجوهر منه تتوزع وتتفرع الأنواع.
6/ القصة القصيرة جدا في نظري ليست سوى تنويع قصصي استدعته شروط ذاتية وموضوعية في المغرب المعاصر، من الشروط الموضوعية ما ذكرته سلفا حول التقنيات الجديدة التي أثرت بقوة في طرائق الكتابة، وطرائق التلقي، وسايرت بعض الأذواق، وهذه الظاهرة ليست جديدة على الأدب العربي، ومن الشروط الذاتية التي تنضح بها مداخلات وبيانات (شبه بيانات) بعض المنتصرين للفكرة محاولة لفت الانتباه والخروج من تحت عباءة الأسماء القصصية الشديدة التميز والحضور في الساحة المغربية والتي رأى فيها هؤلاء حجابا مانعا وحائلا بينها وبين الظهور وإثبات ذات والتعبير عن الموقف الجديد والمفهوم القصصي الحديث، وهذا أيضا شيء مشروع، فصراع الجيال دليل على الحراك والطموح والحيوية.
7/ هل هناك قصة قصيرة جدا في المغرب، بعيدا عن الحماسة الذاتية؟
نعم هناك في المغرب وغيره، على الورق وعلى الصفحات الإلكترونية عدد من الكتاب الذين استوعبوا حقيقة القصة القصيرة جدا من حيث وظيفتها الفنية والجمالية، ووظيفتها التاريخية (المرحلة)، ومن حيث خصائصها ومقوماتها وأساليبها وتراكيبها اللغوية. كما أن هناك من الكتاب من استطاع استلهام الحدوثة والطرفة والمثل وحكايات الأطفال وبعض الأخبار فوظفوها التوظيف السليم الموحي والجديد والمرتبط بوضعيات اجتماعية وسياسية وفكرية ومرتبطة بمواقف خاصة وشخصية.
هؤلاء هم المعول عليهم. وكثير من كتاب القصة القصيرة جدا، وكعادة كل جديد، لم يوفق في استيعاب المفهوم ولا في توظيف المرجعيات، لكن الآفاق ليست مظلمة، وقد تستطيع القصة القصيرة جدا قول الجوهري، والمساهمة في النهوض بدور الكتابة والكاتب في عصر باتت فيه الكتابة مجرد نزوة فردية غير منتجة ولا مربحة كما ينظر إليها أسياد العالم الجديد، وهم في ذلك يجانبون الصواب.

سلا/ المغرب
28/02/2010م

   
Partager cet article
Repost0

commentaires

مجلة وطنية ثقافية شاملة ومحكمة

  • : مجلة دفاتر الاختلاف
  • : مجلة "دفاتر الاختلاف" دو رية مغربية ثقافية محكمة رخصة الصحافة رقم:07\2005 -الايداع القانوني:2005/0165 تصدر عن مركز الدراسات وتحمل الرقم الدولي المعياري/ p-2028-4659 e-2028-4667
  • Contact

بحث

الهيئة العلمية

أعضاء الهيئة العلمية والتحكيم

د.عبد المنعم حرفان، أستاذ التعليم العالي، تخصص اللسانيات، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز فاس المغرب

د.عبد الكامل أوزال، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.أحمد دكار، أستاذ التعليم العالي مؤهل ، تخصص علم النفس وعلوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.محمد أبحير، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال/المغرب

د.محمد الأزمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.ادريس عبد النور، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وعلوم التربية والدراسات الجندرية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس/المغرب

د. عبد الرحمن علمي إدريسي، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

محمد زيدان، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز  الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد العلمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص الدراسات الاسلامية والديدكتيك، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد سوسي، أستاذ مبرز ، دكتور في الفلسفة، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.سميحة بن فارس، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص الديدكتيك علوم الحياة والارض ، المدرسة العليا للأساتذة فاس / المغرب

د.عزالدين النملي، أستاذمحاضر ، تخصص اللغة العربية والديدكتيك ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

دة.صليحة أرزاز ، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص لغة فرنسية، ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.المصطفى العناوي، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص الاجتماعيات ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حسان الحسناوي، أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص اللغة العربية وآدابها ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

د.عمر اكراصي، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.حنان الغوات، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص علومالتربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حميد مرواني، أستاذ محاضر مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية

والتكوين فاس- مكناس المغرب

   د.عبد الرحمان المتيوي، أستاذ مبرز في الفلسفة، مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس -مكناس /المغرب

د.المصطفى تودي، استاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة

.فاس-مكناس

دة.الخالفي نادية، أستاذة التعليم العالي مساعد، المركز الجهوي لمهن التربية

.والتكوين الدار البيضاء-سطات/المغرب

د. محمد أكرم  ناصف ، أستاذ مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس المغرب.

هيئة التحرير وشروط النشر

رئيس هيئة التحرير

د.ادريس عبد النور

هيئة التحرير​​

​​​​​د.عمر اكراصي - د.طارق زينون

د.سعيد عمري- ذة. مالكة عسال

ذ.خالد بورقادي إدريسي

الشروط العامة لنشر البحوث:

  • أن يكون البحث ذا قيم علمية أو أدبية، ويقدم قيمة مضافة للحقل المعرفي.
  • أن يتمتع البحث بتسلسل الأفكار والسلامة اللغوية والإملائية.
  • أن لا يكون البحث مستلاً من أطروحة دكتوراه أو رسالة ماستر أو كتاب تمَّ نشره مسبقاً.
  • يلتزم الباحث بإجراء التعديلات التي يقرها المحكمون بخصوص بحثه، حيث يعد النشر مشروطاً بإجراه هذه التعديلات.

المراسلات: Email:cahiers.difference@gmail.com0663314107