Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
9 avril 2010 5 09 /04 /avril /2010 08:58

nasir-20Abu-20Hamid3613Elan.jpg«واجب المثقف أن يكون حارساً للقيم لا كلب حراسة»

- نصر حامد أبو زيد


.. ويبدو أننا لا نعرفُ الفرق بين الاثنين، بين أن يكون المثقف حارساً للقيم وبين أن يكون كلبَ حراسة، وبعد أن تسللت الأيديولوجيات والمذاهب العقائدية والسياسية والقومية إلى تخوم الأدب، وتحول النص الأدبي إلى «مطية» أو «بوق» للترويج لهذا المعتقد أو التبشير بتلك العقيدة، تولدت ردة فعلٍ عكسية تطالب بضرورة المحافظة على «أدبية الأدب»، وراجت أديان ثقافية جديدة عقيدتها «الفن للفن»، وأصبح النص الأدبي أقل فاعلية في حضوره الثقافي والمعرفي، لأننا نتعاطى معه كما لو كان تلك «المزهرية» الكرستالية البديعة المصممة لأجل أن نتأملها لدقائق ثم نمضي في طريقنا.. ولما وجهت إلينا أنصال الأسئلة: ما سبب نخبوية المثقف؟ ما سبب هامشية الأدب؟ ما سبب انحسار القراءة؟ ما سبب تراجع الكتاب؟ ما سبب سطحية الثقافة؟ ببساطة شديدة دارينا حقيقتنا وعارنا وقلة حيلتنا وقلنا إن الأدب لم يعد هامشيا، ولكنه ببساطة يقوم «بدوره الجمالي» ويتصرف مثل «مزهرية كرستالية» مهذبة موضوعة على الرف، بعد أن تخفف من دوره السياسي والاجتماعي والقيمي والأخلاقي.

نعم، أنا أتفق مع القول بأن ما راج من لافتات الستينات والسبعينات من أدبيات قومية ومؤدلجة ومسخرة لخدمة العقائد والمذاهب والأحزاب ليس أدباً في جوهره، ولكنني أيضاً أختلف مع القول بأن الأدب هو كائن جمالي محض يقوم بدوره كقطعة «ديكور» مضافة إلى منضدة عالمٍ قبيح.

الأدب ليس هذا ولا ذاك، الأدب ليس أداة في يد السياسة والدين، ولكنه أيضاً لا يخلو من المعالجة السياسية والمحتوى الديني، لا يدشن النص الأدبي لكي يخوض حرباً سياسية أو اجتماعية أو عقائدية، ولكن هذا لا يعني بأن الأدب في صلبه ليس أحد ظهورات الثقافة، وأن الثقافة ظهور معرفي تتكشف من خلاله -شئنا أم أبينا- أوجه سياسية واجتماعية ودينية وأخلاقية وقيمية.

ما حدث لنا ببساطة، وبعد أن سادت تلك التوجهات النقدية التي بشرت بفكرة الفن للفن، هو أننا نسينا بأن فنية الفن وأدبية الأدب لا تجرد النص من محتواه المعرفي ولا من طبيعته الثقافية، وببساطة شديدة لم نعد نتطرق إلى القيمة، لا نقدياً ولا حتى كتابياً، وصرنا نخافُ أن نكون مع أو ضد أي قيمة أو معنى أو مضمون أو محتوى لكي لا نتهم بالتخلف وعدم المواكبة للموضة الحداثية الرائجة، صرنا فارغين وجبناء، خائفين من أن نستجيب إلى حقيقتنا وأن نأخذ موقفاً إيجابياً من مبادئنا، فقدنا إيماننا بكل ما آمنا به، وشيئاً فشيئاً رأينا القصائد تجرد من المعنى، وتتعرى من المضمون، وتفتقر إلى المحتوى، ورأينا شعراءنا يتباهون بكونهم لا يفهمون ما يكتبونه، ورأينا أناساً يهذون على الورق ويسمون شطحات لاوعيهم إبداعاً، ورأينا روايات ازدحمت بالأبطال الممسوخين الذين يعيشون حياة عشوائية، ورأينا أشخاصاً يتهمون بالتخلف لأنهم يطالبون بنقد ثقافي ويسائلون مضامين تلك النصوص، ورأينا قراءً يتهمون بقلة الثقافة والاطلاع لأنهم لا يفهمون قصيدة الغزالة التي تتحول إلى قلم وأشياء أخرى غريبة، رأينا كتاباً يكتبون عن زنا المحارم ويوصفون بالشجاعة لكسر «التابوهات!» ورأينا كاتبات يكتبن عن الخيانة الزوجية بصفتها الغرام .. إفرازات ثقافتنا الراهنة، الثقافة عديمة القيمة وعديمة الضمير .. ثقافة ديوثة وجبانة، هل نحن سعداء بها حقاً؟

خفنا أن نكون كلاب حراسة، فتقاعسنا عن حراسة القيم، خلعنا على القيم صبغة سياسية وإيديولوجية، ولم نعد نرحب بها في أدبياتنا، نسينا أن النزاهة، والكرامة الإنسانية، واحترام الذات، والحياء، والأمانة، والوفاء والحوار واحترام الآخر .. هي ما يصنع إنسانيتنا أو ينفيها، وإذا كان الأدب مرآة للإنسان، بقدر ما هو الإنسان مرآة للكون، فالأحرى بنا أن نتذكر من نحن، ما الذي يعلي منا وما الذي يحط منا، ما الذي يصب في وجودنا وما الذي يمسخه، وقبل أن نمعن في تشويه نتاجنا الأدبي أكثر، خليقٌ بنا أن نتذكر حقيقة الأدب، الذي هو ليس مطية للإيديولوجيا وليس قطعة ديكور، خليقٌ بنا أن نتذكر بأن الأدب هو ذلك العالم الفادح الذي يجعلنا على صلةٍ بوجودنا وعلى تماسٍ من حقيقتنا، فهل قدرناه حق قدره؟.

 

* صحيفة أوان الكويتية، العدد (858) بتاريخ 5 أبريل 2010
Partager cet article
Repost0

commentaires

مجلة وطنية ثقافية شاملة ومحكمة

  • : مجلة دفاتر الاختلاف
  • : مجلة "دفاتر الاختلاف" دو رية مغربية ثقافية محكمة رخصة الصحافة رقم:07\2005 -الايداع القانوني:2005/0165 تصدر عن مركز الدراسات وتحمل الرقم الدولي المعياري/ p-2028-4659 e-2028-4667
  • Contact

بحث

الهيئة العلمية

أعضاء الهيئة العلمية والتحكيم

د.عبد المنعم حرفان، أستاذ التعليم العالي، تخصص اللسانيات، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز فاس المغرب

د.عبد الكامل أوزال، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.أحمد دكار، أستاذ التعليم العالي مؤهل ، تخصص علم النفس وعلوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.محمد أبحير، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال/المغرب

د.محمد الأزمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.ادريس عبد النور، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وعلوم التربية والدراسات الجندرية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس/المغرب

د. عبد الرحمن علمي إدريسي، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

محمد زيدان، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز  الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد العلمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص الدراسات الاسلامية والديدكتيك، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد سوسي، أستاذ مبرز ، دكتور في الفلسفة، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.سميحة بن فارس، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص الديدكتيك علوم الحياة والارض ، المدرسة العليا للأساتذة فاس / المغرب

د.عزالدين النملي، أستاذمحاضر ، تخصص اللغة العربية والديدكتيك ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

دة.صليحة أرزاز ، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص لغة فرنسية، ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.المصطفى العناوي، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص الاجتماعيات ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حسان الحسناوي، أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص اللغة العربية وآدابها ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

د.عمر اكراصي، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.حنان الغوات، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص علومالتربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حميد مرواني، أستاذ محاضر مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية

والتكوين فاس- مكناس المغرب

   د.عبد الرحمان المتيوي، أستاذ مبرز في الفلسفة، مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس -مكناس /المغرب

د.المصطفى تودي، استاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة

.فاس-مكناس

دة.الخالفي نادية، أستاذة التعليم العالي مساعد، المركز الجهوي لمهن التربية

.والتكوين الدار البيضاء-سطات/المغرب

د. محمد أكرم  ناصف ، أستاذ مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس المغرب.

هيئة التحرير وشروط النشر

رئيس هيئة التحرير

د.ادريس عبد النور

هيئة التحرير​​

​​​​​د.عمر اكراصي - د.طارق زينون

د.سعيد عمري- ذة. مالكة عسال

ذ.خالد بورقادي إدريسي

الشروط العامة لنشر البحوث:

  • أن يكون البحث ذا قيم علمية أو أدبية، ويقدم قيمة مضافة للحقل المعرفي.
  • أن يتمتع البحث بتسلسل الأفكار والسلامة اللغوية والإملائية.
  • أن لا يكون البحث مستلاً من أطروحة دكتوراه أو رسالة ماستر أو كتاب تمَّ نشره مسبقاً.
  • يلتزم الباحث بإجراء التعديلات التي يقرها المحكمون بخصوص بحثه، حيث يعد النشر مشروطاً بإجراه هذه التعديلات.

المراسلات: Email:cahiers.difference@gmail.com0663314107