ديوان شعر إلكتروني
أنخاب باخوص
أو معلقة إفران
شعر عبد النور ادريس
عتبة نقدية : للدكتور رضوان الخياطي
أنخاب معتقة،: أسلوب عذب، ألفاظه شفافة وموحية، نابعة من الوجدان، من علاقة وطيدة بين شاعر ومكان
"الفضاء" يزداد جمالا حين يحاوره ويصفه شاعر بكلمات نابعة من قلبه.
"أنخاب" تعود بالقارئ إلى زمن الشعر الجميل، إلى عصر رواد الشعر الحديث
إلى صديقي محسن الهندي
ى صديقي النَّخب الأول :تأوهات
تأوهت في حضن شمسك محمولا على الوصل
يا إفران...
ياشهيّة الأطفال
يا تأمل الدرب في عطركِ المسافر
أًعْسَلت شفاه العاشقين الآسرة
أسألك لو رضيت زخاتي الماطرة
بغيمتي الساحرة
عن السحاب المقيد
عن حدادك الوراثي الماثل في البياض
عن لغة المجاز أحالتني إلى خطاي
عن عناق الآلهة
عن زفة الظل صقلت جبين الحر
عن معجمك في متاه الغزل
عما اندس من فهم الطين
عن صعقة الرقص في الفصول
يا إفران القصيدة...
ياسلالة الرؤيا...
يا شرنقة الزهر والأقحوان
يا أنخابي المعتقة في كل غيبوبة...
يا إفران...يا سموراء كوكبي
النخب الثاني:أسد معتق الكبرياء
وَبخت الريح في ديوان الشتاء
يا أحلى وطن..
يحفظ في السر مواعيد الربيع
أنا الشارد الأبيض في حلم فراشة
رؤياك أثارت فيَّ غرائز الماء
كُلُّ الأرضِ إٍفرانُ
وكُلُّ إفرانَ الأرضُ...
وكل سماكِ ... قُطريَ المتعرش
سأظل أذكر أوراق البريد
تحمل في مساء الافتراضات أسدكِ الحجري
وأظل أذكر صرخة البداية
تغزل كل درب يأخذني إليكِ
وأظل أذكر صورة الأشياء
تحتلب عناقيد اشتهائكِ الثلجُ
كيف أرفع دهشتي سيرةً للكلمات؟
كيف للسؤال أن يصحُوَ في السؤال؟
كيف للقيثارة أن تمحُوَ بنفسجَ النهار
وأظل أذكر الصمت المُهادن
وأُصغي إلى عادة باخوص*
يجند كل رصيفٍ تحت المطر
ومن نافذة الوقت أطل مَداكِ
ها عتَّقت الزئير..
يَعْلَقُ الوطن مستيقظا في جريدة
يرشَحُ الثلج من مسام الأغنيات
ها أغرقتُكِ في المسافة
والأبيض المُتَعرِّقُ على الأغصان ...
أطاح بالمنشق من سواد القصيدة
هل ترى يعود باخوص؟
النخب الثالث:فيتال..صرخة في المرايا
فيتالُ...الظل اشتهاك
و لا ريحٌ تفُض بكارة الماء
لا وقت فيكِ للتّوَرد وجعا
الآهُ من رشْقِكِ المُختّر
لا وجه للأيام..
ترفل في عوالمنا الواقفة
ها نوركِ إفران شاع
يرفرف ازهرارك في خريطتي ما سبق الأخضر
راكعا يزف البياض لبارد الرحيق
ما ارتشف الأرز أنخاب السحاب
الآهُ من مسافة الركض إلَيَّ
يا ليتني ....
يا ليتني كنت مطرا في ديواني
كي أتعشق نصفي الثاني
و ها الأبيض يستدرج نص المدينة
يعزف لي بياض الكتابة
و الذي مني يقع في الشارع
أرجواني الإرتباك
و الزئير المتدحرج رَوَّى الهوى
و الربيع اتكأ ...
يغني هدهدات الخريف ...
كانت الأرض تجر آلاف الفهارس
والحريق يتصدر الديباجة
قالت:
أطعم هواك جوع النار
إحمل ضلوعك
مارس غفوك الشتائي
أسرج نواياك لو يجدي الكلام
تدلى من وسادة النشيد...
لو لحاء الأغنية منكَ إليك
ما حصة الغواية من لهاة الجلنار
يا شاعر إفران
إحرق غربتك
أطعم حلمك ...
لطف العصافير
قلت:
ويومي مشدود الخطوات
قد أحمل بقايا ذاتي
أنت إفران المدينة
خلصيني مِنِّي ...
ابدأ رسمك من أول البياض
من لي بلون ينتشل سواد المدينة
أطلسي تقطر في المدار تلوى
نُذفا أدمنتْ رعشة الفجر
أحمرٌ تعرَّش في القلب ...
اكتوى
دما تسلق شهوات العمر
أخضرٌ تسرمد في الحكاية ...
ارتوى
تسلل لحنا ..
غزلَ العصافير
كيف للصدى يحمل صمت الناي و لا يدري؟
يشبهني كأنا ...
يتهجاني أغنية
قالت لي العرافة
امش مشية اللبلاب
يراقب قوس قزح
ما إن يدري لم الشمس تغني.. يفرح
و يتقن العناق
قلت:
آل شكر أيها الصحو
الأبيض ... في الخليط نصاعة
و الأخضر ...وشم لملايين النساء
آل شكر أيها المدى...قعّرتُ مداي
و الريح مشاعة...
وها الأحمر الشهي يستأنف ركض الشعر
النخب الرابع: ضحكة مستأسدة
أسكب ما قد تبقى..
يا باخوص في غفوة الجرح
سأحملني إليّ مطرزا بالآه
في عروقي"أَفْرَنَ" النشيد
تورمت خاصرة العناق
و الكاعب من المدينة شرفة وكمان
أينما تمطرين
يُموِّجُني الرذاذ
أينما تمطرين
يتشهاني المكان
حيثما تمطرين
أنت وأنا والآن
أنت المدينة ... إفران
خلصيني مِنِّي..
ما اقترفتُ جُنحة هواك
ما استراحت وحشة الأغنية
ما سكب الحلم خطاك ..ما إن
ما امتلأت بالصحو الأماكن
"إِفْرُ"...جالت في حضنك جمرة بلد
إفران يا مستوحدا في ملكوت الله
أسد من درس التاريخ ...
كفر بالموت
تمدد في أعين الزوار صحيفة
إذا جن الليل زأر
يستريح خلف الأحلام
يعتصر صور العابرين
حتى إذا ما جثا بين الضدّين تكوثر
ما ارتعشت يداه ما ارتجفت
حتى إذا ما راق للناظرين تبختر
ما أكثر ما كان الحجر هو الممر
يعلق لهات الوقت
في لهاتنا
نصف إله ...
النخب الخامس:حلم باخوص
ما الذي يحدث لو ركع الغيم؟
يطلب يد المدينة
لو التقت شفاه فيتال تحمل السكينة
أمد يدي أشد اللحن
أمد قلبي اسكب قصيدة
أنخت الوقت
اسْتَنْوَق السراب
آها واها إفران
آتيك عار من حقيقتي...
ليلك يغمرني
آتيك نهارا يكبلني فرط هواك
آتيك ليلا أتهودج بين يدي اللهات
أجلي خيبة الوقت
أكتبي ...
أكتبي الجرح اسما آخر للتذكار
انقشي وجع مدينة تحترف الدِّفْئ
ترشُّ شقائق النعمان في مربعها الأخضر
لا متسع من جرأة الكلمات
أكلما كتبتك فجرا
يجلس القمر عند نافذتي مثل إلاه
أكلما رسمتك شجرا
يتعقبك ظل المكان
و يتكوثر إندلاعي
النخب السادس: وله اللبلاب
يا ليت، بقايا القصيد، تبعثرني
لا فرق عندي إن ذاب أحمر الورد
لا فرق إن عاد الشعر للسرد
لا فرق إن غفا السفر في جيب الطريق
سأستسلم للحن الطائش في سنفونيتك
أتجوهر نبوءات ..
و الطريق مني إليك
يا ليتني كنت وترا في ألحاني
أستبق شوق القصيد إليك
حتى يتعَسَّل لحْنُ إفران في كماني
يا ليت نهاية النشيد أنتِ
و آتيك يتجمهر فِيَّ الكلام الثاني
النخب السابع: إفران مدينة تحترف البياض
و تلبسين ثوبك العُنَّابي
تحترفين الليل
تقتصين من دائرة جرحي
و حين...
وحين تستحقك النهارات
يذوب الوطن حبرا ودهشة
ما حان لك التعري في ليلك الواحد
ما حان لك التخفي في مربع غربتك
ما حان لنعمة الصمت أن تروض الصُّراخ
ما حان لرصيف فواصلك أن تتربص بمكابرة الألوان
رموزك البلعمان تسرق مني عمر الشوق
نذرتْ نهاري لوجبات الجنون
و جهي وحده يُشبهني...
فما أجمل أن يكون وجهكِ هو وجهي !
ما أجمل أن يكون شقار شعرك طُلَّة خريطتك !
ما أجمل أن تتعثر ملامح المسافة في دعوة غامضة... !
و هل للخطو متسع كي أستبدل مقاييس العطب
و لم يكن للوقت المؤجل ذاكرة
ما أبهاك مدينة لا تتثاءب..
النخب الثامن والأخير:تصاريح الدالية و مذاق الكبرياء
لا منطق لذاكرة مجروحة أنتِ
جوعك السري وليمة تختلس فائض الأماكن
تلبسين يومك القرمزي ...
يستيقظ فِيَّ عُرْيَ الكائن
لمن تتشرنقين...
كل صباح
من مدينة إلى فتاة
لمن أراك تتجملين كل مساء؟
لماذا وحدك تفضحك الأزقة؟
لماذا وحدك تتنمرين في الكتابة؟
لماذا وحدك تتمرنين على حب الهوامش؟
لماذا وحدك أنت أحمل افتراضاتي؟
ولماذا وحدي أتدحرج فارسا يدعي الهزائم؟
ولماذا وحدي يجردني سلاحي منك؟
ولماذا وحدي أتصالح معي .. تسكنني أناي؟
ولماذا وحدي أبدأ من نفسي كلما بدأت منك؟
مشرعا على فوضاي ..أرسمك شعرا يأويني
وحده مطرك مؤسطرا يغريني
كيف أقاوم إغراءك الموجع؟
كيف أطارح العشق شعرا مع مدينة؟
كيف...؟
و انت تبادلين أسدك باخوصا يستفز اللبلاب؟
قفي ما اروعك
ها أدمنتك في شتات عمري
دعيني لا أُشْفَى منكِ
ما شاء لكِ الاعتراض...
انت معجمي..
ممتلئ بالسؤال
كل شيء فيَّ يؤدي إليكِ
و كل شي فيكِ متلبس بذاكرة الناس
ها أنا استعيد ملامحي في مرآة ذاتِك
كوني طفولتي الأولى
فكوني أنتِ...
لوحة...
امرأة...
راحة تعشق الحناء
يا تنهيدة كلامي
ــــــــــــــــــــــــ
باخوص: تربى في حضن حوريات نوسا ، وعندما كبر أخذت جونو تطارده بدافع الغيرة ، فلجأ الى الترحال ، واشتهر بزراعة الكروم وتعليم الناس فائدتها بالاضافة الى تعليمهم فنون السلم والعدل والمعاملات الشريفة ، وقام بعدة مغامرات ، من أشهرها تلك التي قام بها عندما استأجر سفينة لتنقله من إيكاريا الى ناكسوس . وكان بحارة تلك السفينة قراصنة، فتآمروا فيما بينهم على أن يبيعوا هذا الشاب الجميل عبدا . وعلى هذا اتجهوا بسفينتهم شطر آسيا الصغرى . فلما رأى باخوص هذا ، اذرك قصدهم ، فحول صاري السفينة ومجاذيفها إلى ثعابين ضخمة ، واتخذ هو صورة أسد غضنفر، وجعل اللبلاب ينمو ويلتف حول السفينة . وانبعث من الجو أصوات النايات الحلوة ترن عند كل جانب.
ــــــــــــــــــــــ
مكناس/المعرب
مكناس/المعرب