Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
29 février 2024 4 29 /02 /février /2024 15:52
الترجمة والجندر : اللغة من الترجمة الآلية إلى الترجمة الثقافية

الترجمة والجندر

 اللغة من الترجمة الآلية إلى الترجمة الثقافية

د. ادريس عبد النور

دراسة محكمة

أستاذ مؤهل بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس – مكناس /المغرب

أستاذ مادة اللغة العربية وعلوم التربية و الدراسات الجندرية والثقافة الرقمية

Abdennour.driss@gmail.com

ملخص:

تعتبر التجليات الكبرى للوعي النسائي مقرونة بالعمل الابداعي محصورة في انتمائه إلى جنس النساء خاصة بعد أن استحكمت السلطة الأدبية جملة من المعايير خندقت حيوات النساء.

ولما انتقل مفهوم الجنس بتأثير من القوى الجندرية، إلى مجال الثقافة بعد أن أسكنته الثقافة الذكورية مجال الطبيعة ، أصبحت قاعدة المساواة في الحقوق وخاصة اللغوية والأدبية مطلبا هيكل القوى الجندرية في اتجاه قطب الدراسات الاجتماعية والثقافية التي تعنى بأوضاع النساء الاجتماعية والاقتصادية عامة  والرمزية والفكرية والأدبية خاصة بما هو فعل سياسي واقعي، الشيء الذي انعكس على الفكر والخطاب النسوي وبالتالي الكتابة النسائية وخاصة الخصائص الأسلوبية واللغوية التي تعرضت لنقد وتهميش أساسه عدم مواءمتها للمعايير والبنى النقدية والأدب المعتمد (the literary canon)

ومن تجليات المنظور النسوي في الأدب ما ارتفع من أصوات نسائية على مستوى البنية السردية التي عملت على قلب الصور النمطية للأدوار الاجتماعية المرتبطة حميميا بالنساء.

فالترجمة بهذا المعنى هي عملية نقل المعنى من لغة إلى أخرى، وتتضمن هذه العملية فهم النص الأصلي بشكل صحيح، واختيار الكلمات والتعابير المناسبة في اللغة المستهدفة لنقل المعنى بأقرب صورة ممكنة. وتتطلب الترجمة أيضا مهارات لغوية وثقافية ومعرفية بالموضوع الذي يتم ترجمته.

أما بالنسبة للجندر، فيشير هذا المصطلح إلى الصفات والأدوار الاجتماعية المرتبطة بالجنس (الذكر والأنثى)، والتي تعتبر قائمة على الثقافة والتقاليد والمعتقدات المجتمعية. ويشمل الجندر العديد من الجوانب، مثل السلوك والمظهر واللغة والتفاعلات الاجتماعية.

الكلمات المفاتيح: الدراسات الجندرية، الترجمة الألية، الترجمة الثقافية، الترجمة النسوية،الأدوار اللغوية

summary:

The major manifestations of women's awareness, coupled with creative work, are considered limited to belonging to the gender of women, especially after the literary authority took control of a set of standards that entrenched women's lives.

When the concept of sex moved, under the influence of gender forces, to the field of culture after the Masculinity culture placed it in the field of nature, the rule of equality in rights, especially linguistic and literary, became a requirement for the structure of gender forces in the direction of the pole of social and cultural studies that are concerned with the social and economic conditions of women in general and the symbolic, intellectual and literary conditions in particular. It is a realistic political act, something that was reflected in feminist thought and discourse and thus women’s writing, especially the stylistic and linguistic characteristics that were subjected to criticism and marginalization based on their lack of compatibility with the standards, critical structures, and approved literature (the literary canon).

One of the manifestations of the feminist perspective in literature is the rise of female voices at the level of the narrative structure, which worked to overturn the stereotypes of social roles intimately linked to women.

Translation, in this sense, is the process of transferring meaning from one language to another. This process includes understanding the original text correctly, and choosing appropriate words and expressions in the target language to convey the meaning as closely as possible. Translation also requires linguistic, cultural and knowledge skills about the subject being translated.

As for gender, this term refers to the traits and social roles associated with sex (male and female), which are considered based on culture, traditions, and societal beliefs. Gender includes many aspects, such as behaviour, appearance, language and social interactions.

Keywords: gender studies, machine translation, cultural translation, feminist translation, linguistic

roles

مقدمة

قد توفر الترجمة الألية التكلفة المادية مع توفير الوقت حيث كتب لبرنامج ، الوافي، المترجم العربي إلى العربية دواعي الاستمرار على كل ما سبقه من برامج حيث طورته شركة عربية.

كما ظهرت العديد من البرامج للترجمة الألية من العربية وإليها ، بعضها متاح على الشبكة العنكبوتية مثل:

-موقع غوغل للترجمة translate google

-موقع ترجمان لشركة صخر  tarjim

- موقع عجيب ajeeb.

من هذا المنطق تعتبر الترجمة الألية التي مواكبة للتطور العلمي والتكنولوجي حيث تم طرح سؤال مهم يتعلق بمهمة المترجم، وهل وجب عليه التركيز على أسلوب صياغة النص أم على معناه، لتنتقل منصة السؤال إلى صعوبات الترجمة الألية خاصة تلك العلاقة التي شابها التوتر بين الدراسات الأدبية وعلم الاجتماع، وخاصة ما قد يشكل انحرافا عن القواعد المتعارف عليها والتي تحكم لغة ما، ليظهر جليا مناحي قصور الترجمة الألية حيث تغيرت أسئلة دراسات الترجمة إلى قضايا تتجاوز المرحلة الشكلية إلى مرحلة تتعلق بالسياق والاثنوغرافيا والتاريخ والاجتماع ، في اتجاه الدراسات الثقافية وما يوازيها في دراسات الترجمة والتي تجسدت في العلاقة المتوترة بين الدراسات الأدبية وعلوم اللغة ، حتى استقرت، متجاوزة المدخل اللغوي ، داخل المساحة التي تقترحها الدراسات الثقافية حيث إن " التلاقي بين الدراسات الثقافية ودراسات الترجمة، عندما تحقق أخيرا ، كان مثمرا، فكان العمل في المجالين يطعن في الحدود العلمية القائمةويسير –فيما يبدو- نحو إيجاد ساحة جديدة تمكنهما من التفاعل، لم يكن المقصود إيلاء الأولوية لمدخل واحد فحسب. وقد ثبت من البداية أن المداخل المختلفة منحازة بطبيعتها". [1]

لقد أصبح مفهوم الجندر مفهوما أقرب إلى مجال الدراسات الاجتماعية والثقافية التي تسعى إلى تتبع علاقات القوى الجندرية في سياقاتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وتحليل مظاهره وأسبابه، من هنا تتضمن دراسات الجندر مقارنات، وتفسح المجال أمام دراسات الذكورة والأنوثة وما ترتبط بها من سلوكات وخصائص وتصورات وأشكال للتعبير يتم صياغتها في ظل أوضاع اجتماعية وثقافية معينة تنعكس بالتالي على الاعراف الاجتماعية والحقوق والواجبات الواردة في التشريعات" [2]

وتتعلق الترجمة والجندر ببعضهما البعض فيما يتعلق بالعملية اللغوية للترجمة وكيفية تأثير الجندر على هذه العملية. فعلى سبيل المثال، قد يؤثر الجندر على الكلمات التي يتم اختيارها في الترجمة، وعلى الأدوات اللغوية المستخدمة لنقل المعنى. كما يمكن أن يؤثر الجندر على الطريقة التي يتم فيها تفسير المعنى وفهمه. لذلك، يجب أن يتم اعتبار أهمية الجندر عند القيام بعملية الترجمة لضمان نقل المعنى بدقة ودون تحيز جندري.

وتنقسم الترجمة إلى ثلاثة أقسام:

الترجمة ضمن اللغة الواحدة – intralingual translation وهي تعني إعادة صياغة مفردات رسالة ما في إطار نفس اللغة

الترجمة من لغة إلى لغة أخرى interlingual translation  وتعني ترجمة الإشارات اللفظية لإحدى اللغات عن طريق الإشارات اللفظية للغة أخرى: )الترجمة التحريرية ----< الترجمة الشفهية

الترجمة من علامة إلى أخرى intersemiotic translation  وتعني هذه الترجمة نقل رسالة من نوع معين من النظم الرمزية إلى نوع آخر دون أن تصاحبها إشارات لفظية وبحيث يفهمها الجميع.

وتعد الترجمة فنا مستقلا بذاته ،فهو يعتمد على الإبداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات ويمكن البشرية من التواصل والتلاقي بين الحضارات

حيث يعرفها catford بأنها " عملية إحلال النص المكتوب بإحدى اللغات )لغة المصدر( إلى نص يعادله مكتوب بلغة أخرى )اللغة المستهدف النقل إليها( وبذلك فهو يركز على نقل الأثر الذي ينتج عن النص المكتوب وليس مجرد نقل المكونات اللغوية على مستوى المفردات أو القواعد"

أما Holliday فيعتقد أن "المعادل النصي فيما بين نصي اللغة المصدر واللغة المنقول إليها لا يتطلب بالضرورة إيجاد المقابل الشكلي بين هذين النصية على مستوى المفردات أو القواعد ، ولكن إيجاد معادل على مستوى النص بأكمله".

ولهذا فالترجمة الآلية تعرف بأنها عملية تحويل نص مكتوب أو منطوق من لغة إلى أخرى باستخدام تقنيات متطورة عن طريق أجهزة إلكترونية وحواسيب دون الاستعانة بالعنصر البشري. مثلا :موقع غوغل للترجمة – موقع ترجمان tarjim – موقع عجيب ajieb

بينما اعتمدت الترجمة التقليدية وشيدت معالمها على قاعدة غياب المترجم (invisibility) وشفافية النص (transparancy) وطلاقة الترجمة (fluency).

أولا: الترجمة وقضايا النوع الاجتماعي

تبدأ العلاقة الأولى للترجمة بقضايا النوع الاجتماعي ومنذ انطلاقتها في ثمانينيات القرن الماضي[3] والتي ما تزال تلح على الإعمال البحثي بدءا بمقالة لوري تشامبرلين "الجندر والمجاز في الترجمة (1988) والتي ركزت على عدد من الصور المجازية المستخدمة في الإشارة على الترجمة وكأن علاقة النص المترجم هي علاقة امرأة برجل. وهي تشير إلى الترجمة باعتبارها غزوا نصيا واختراقا ثقافيا.

كما تعد شيري سايمون من جامعة كوتكورديا من أبرز الباحثات في مجال دراسات الترجمة النسوية وقضايا الجندر في الترجمة ، من كتبها :

1994 - الترجمة والثقافة في الأدب الكيبيكي.

1996 - الجندر في الترجمة.

2006 - في ترجمة مونتريال.

2011 - مدن في الترجمة.

ومن التعاريف التي ماتزال قائمة حجة بالنظرية النسوية المهتمة بالترجمة في علاقتها بالجندر تعريف الباحثة النسوية ماجي همّ Maggie Humm  التي عرفت الجندر" بمجموعة من الخصائص والسلوكات التي تشكلت ثقافيا ويتم اضفاؤها على الإناث والذكور والنظرية النسوية المعاصرة حريصة على التمييز بين الجنس والنوع"[4].

ولما أعلن استيل فريدمان اعتقاده بأن النساء والرجال لديهما بالتلازم القيمة نفسها، وجد خطاب الحركة النسوية طريقه سريعا إلى الأدب حيث سمي هذا الخطاب النسوي بخطاب الجندر أوالجندرة حيث تتجه الكتابة إلى تأييد خطاب الرجل الذي سيطر على القول لعقود دخلت.

ومن ذلك شكل هذا الخطاب تواجده معبرا عن ذاته في الترجمة بما هي إعادة كتابة من صميم الكتابة الأدبية لتصبح مشكلة الترجمة النسوية التي تبنت استراتيجيات جديدة في ممارسة الترجمة خاصة وهي تتجه إلى اللغة ومع دعوتها إلى التخلي عن تقاليد حرستها ممارسة كتابية تسود إلى الآن.

ومع بداية القرن العشرين مارست النساء العربيات بدورهن الترجمة كشكل من أشكال الاعتراف بهن ككتابات وجسرا للعبور قبل ان تتجوهر القراءة والتأويل في ميدان الأدب.

فتمت الترجمة وفق ما تليه "الايديولوجية النسوية في الترجمة" التي أعادت ترجمة أثار أدبية مجددا نظرا لما يشوب ترجمتها من تشويه للخطاب والحاقها قسرا بالايديولوجية الذكورية.

إن هاجس تحرير الترجمة الأدبية من الغطرسة الذكورية اعتبر أنداك استراتيجية في أفق التحرير الشامل للمجتمع برمته. تقول سوزان لوتينير هوارد "ترجمتي فعالية سياسية تروم جعل اللغة تتحدث باسم النساء ، ما يعني أنني عند توقيعي على ترجمة أفيد استعمالي لكل استراتيجية ترجمية متيسرة بغاية جعل ما هو نسوي واضحا لغويا ،لأن ابراز النساء للعيان في اللغة يعني جعلهن يُرَيْنَ ويُسمعن في العالم الفعلي ،وذلك ما تتحدث عنه الحركة النسوية.

وعلى إثر ذلك تم انتقاد الترجمة الانجليزية التي انجزها هوارد بارشلي (1953) لكتاب سيمون دي بوفوار (1949) واعتبرنها مثلا دالا على النزوع الذكوري في الترجمة بما اعتراها من نقائص تم تداركها لاحقا

ومن نقائص هذه الترجمة حسب أولغا كاسترو سكوت المترجم عن :

العلاقات السحاقية .

سكوته عن أول اتفاقية تخص حقوق المرأة عرفتها الولايات المتحدة الأمريكية.

سقوط نصف فصل عنوانه "المرأة المتزوجة".

ثانيا: استراتيجيات الترجمة النسوية أو الفجوة النوعية

تعد هالة كمال من المترجمات النسويات المصريات التي أعلنت في مقدمة كتابها "النقد الأدبي النسوي" إلى أنه لا يكفي لترجمة النص النسوي  امتلاك المترجمة والمترجم زمام اللغتين المعنيتين فقط ،بل يوجد عدة شروط لضمان صحة ترجمة النصوص النسوية وهي :

إدراك للمفاهيم الفكرية في النص النسوي.

معرفة بتطور النظرية النسوية ومصطلحاتها.

اتخاذ موقف داعم للفكر النسوي وعارف بالنظرية النسوية وتفاصيلها الواردة في الكتاب الخاضع للترجمة.

وجود وعي بعلاقات القوى الكامنة في حقل الترجمة.

إدراك خصوصية الخطاب النسوي.

التعامل مع ترجمة النص النسوي باعتبارها فعلا سياسيا لا تقتصر على نقل المعرفة والثقافة والفكر ،بل يسعى إلى بناء معرفة جديدة نسوية باللغة العربية.

اتباع استراتيجية التعريب[5].

بينما أشارت لويزفان فلوتوبين )مترجمة نسوية كندية( في مقالتها "الترجمة النسوية، السياقات والممارسات والنظريات" إلى عناصر من عدّتها من ضمن استراتيجيات الترجمة النسوية منها :

الاكمال Supplementing

أن تقوم المترجمة والمترجم بإيجاد معادل موضعي ولغوي في اللغة المترجم إليها تعويض الفجوة التي تحدث لاختلاف اللغات عن بعضها البعض وينتج عن هذه الاستراتيجية تعبير واضح في اللغة المستخدمة في النص الاصلي.

التصدير والهوامش

استخدام المترجم والمترجمة مساحة التقدير والهوامش لمشاركة القارئ الاستراتيجيات والقرارات التي اتخذها والصعوبات التي واجهتها في ترجمة النص [6].

الاختطاف (هيكرة النص)

هو التلاعب باللغة لتحويل وتصحيح النص الأصلي غير النسوي لغويا ،إلى نص واع نسويا وجندريا في اللغة المترجم إليها.

وقد ربطت لويزفان فلوتوبين قضايا اللغة والترجمة والثقافة والنسوية في كتابها "عصر النسوية (1997) "ب:

النسوية كعلم : الفجوة والنوعية.

النسوية كوعي : الإدراك الواعي بالظلم المجتمعي والتاريخي.

النسوية كمقاومة : بناء النسوية كمنهج للمقاومة.

وتعتبر الرؤية النسوية عندها حركة أداة لنشر المعرفة ورفع الوعي النسوي باعتبار تاريخيتها:

الحركة النسوية الأولى : نهاية القرن 19 حتى منتصف القرن 20 مواجهة الحواجز القانونية والحق في التصويت.

الموجة النسوية الثانية : بداية ستينيات القرن 20 وسبعينياته ركزت على المساوات الجندرية وتحرر المرأة والجسد.

الحركة النسوية الثالثة : تسعينيات القرن الماضي إلى الآن .

بينما آمنت بنظرية التقاطعية حيث كلمة نساء لا تعتر عن مجموعة واحدة حيث الهويات متعددة ولا يمكن إغفال هرمية القمع ونظام التمايزات حيث وضعت الهوية الجنسية والعرقية والطبقية كمحور في النظام الجندري.

إن ما أقصده بالترجمة والجندر يتعلق بالعلافة المرصودة بين النظرية النسوية ودراسات الترجمة وخاصة ترجمة النص النسائي إلى اللغة العربية وهو تصور منهجي تخلت فيه الدراسات الثقافية حسب باسنيت وليفيفير " عن مرحلتها التبشيرية باعتبارها قوة معارضة للدراسات الأدبية التقليدية وأصبحت تنظر بدقة أكبر في قضايا علاقات الهيمنة الكامنة في إنتاج النصوص، وعلى غرار ذلك تقدمت دراسات الترجمة فانتقلت من المناقشات التي لا تنتهي حول " التعادل" إلى مناقشة العوامل التي تتحكم في انتاج النصوص عبر الحدود اللغوية" [7]مما يستدعي حزمة من الشروط أساسية لضمان دقة الترجمة لغويا مع صحة نقل الأفكار معرفيا وهي تتشكل كالآتي:

لا يكفي لترجمة النص النسائي امتلاك زمام اللغتين وانما يتطلب الأمر ادراك المفاهيم الفكرية الواردة بالنص والمختفية بالنص النسائي.

ضرورة نحت وصياغة مصطلحات جديدة حيث وجود وعي بعلاقات القوى الكامنة في فعل الترجمة فيما هي فعل تأويلي يقوم فيه المترجم والمترجمة بدور الوساطة بين النص الأصلي والنص المترجم.

إدراك خصوصية الخطاب النسائي من حيث كونه خطابا سياسيا يستهدف تمكين النساء معرفيا.

التعامل مع ترجمة نص نسائي بما هو فعل سياسي لا يقتصر على نقل المعرفة والثقافة والفكر ،بل يسعى إلى بناء معرفة جديدة نسائية باللغة العربية.

ثالثا: الممارسة النظرية للترجمة من منظور نسوي

:مع لورنس فينوتي لا بد للباحث من معرفة مفاهيم أساسية منها

الترويض أم التغريب 

أي ترويض النص لإضفاء سمة الطلاقة عليه لغويا وأسلوبيا بحيث يبدو النص بعد ترجمته وكأنه أصلي غير مترجم مكتوب بلغة المترجم ويحمل روح الثقافة إليها

أما التغريب فهو يتعلق بنقل النص من لغة إلى لغة مع الحفاظ على ملامحه اللغوية والأسلوبية والثقافية عند ترجمته دون ترويضه أو تطويعه بما يساير اللغة والثقافة المنقول إليها

وحيث يذهب فينوتي إلى أن التغريب عند الترجمة إلى الانجليزية يمكن أن يكون شكلا من أشكال مقاومة الاستعلاء العرقي والعنصرية والنرجسية الثقافية والامبريالية يبدو مع ذلك أن الترجمة النسوية هي أقرب إلى اتباع استراتيجية التغريب ،لما فيها من عدم محو للسمات اللغوية والأسلوبية  والثقافية للنص المنقول ، وعدم اخضاع النص المترجم إلى منظومة اللغة المُترجم إليها حتى بعيدا عن سياق الهيمنة ، وبذلك فإن الترجمة النسوية باستنادها إلى الفكر النسوي تستدعي منح الطرف المهمش صوتا، ومقاومة كافة أشكال العنف والتمييز والهيمنة على مستوى الفعل ، أي عند ممارسة الترجمة

ويظهر أنه في حالة الترجمة النسوية يصبح التغريب مضاعفا

مفهوما التعاطف والتوافق

يحصل هذا التقارب الفكري بين المترجم والمؤلف وهذه العلاقة لا تقتصر على وجود توافق واستلطاف بينهما بل وجود هوية مشتركة تجمعهما

وتكمن هنا الأزمة الحقيقية في عدم التخصص، فقد تأتي الترجمة موضوعية لكن مغلوطة بسبب العداء للفكر النسوي بقدر عدم المعرفة بأعماقه وأبعاده ، فتكون النتيجة نصا منقولا حرفيا أكثر من كونه مترجما من لغة إلى أخرى

المترجم والمترجمة المرئية

ويتحدث لورنس فينوتي عن مفهوم "المترجم الخفي"-invisible translator- على اعتبار أن الترجمة ليست فعلا موضوعيا وإنما حصيلة تأويل المترجم إذ النتيجة أنه كلما كان المترجم مرئيا في النص كلما ازدادت موضوعية النص الفعلية

أما المترجمة الخفية فتتناقض منهجيا مع الفكر النسوي الذي يركز على الاعتراف به كأساس للموضوعية وبالتالي على جعل المخفي مرئيا والمسكون عنه مسموعا

ومن ذلك فالترجمة النسوية هي ترجمة كاشفة تشف النص من أوهام قد تشوه الواقع على اعتبار أنها تعتبر الكتابة تأويلا ، وإلى الترجمة بوصفها إعادة كتابة -rewriting- وتمثيلا -représentation- لنص لا نقل له

وقد ركز ديفيد روس على سلطة المترجم في الحاكم على المعنى المقصود والاختيار بين المترادفات خلال عملية الترجمة ولهذا تتجاهل الترجمة النسوية ادعاء موضوعية الترجمة ولهذا تسعى إلى تسليط الضوء على الوجود الأنثوي في النص من خلال تأنيث اللغة بما يعكس تواجد المرأة في النص مؤلفة ومترجمة وذاتا وقارئة

ترجمة الخطاب النسوي-!

 توضح سوزان باسنيت في كتابها عن دراسات الترجمة أن الترجمة من منظور النظرية الأدبية تجمع بين علم اللغويات وبين نظرية التلقي وبين نظريات التأويل والتمثيل.

وتتقاطع النظرية الأدبية مع الدراسات الثقافية مع النظرية النسوية ودراسات الترجمة.

كما أن جياتري سبيفاك في مقالتها "سياسات الترجمة 1993" تطرح فكرة استسلام المترجمة للنص وانصياعها للنص الأصلي من منطلق كون "الترجمة هي أكثر افعال القراءة حميمية".

فيم تطرقت باربارا جودار في دراستها "التنظير للخطاب النسوي/الترجمة النسوية" إلى مفهوم الترجمة باعتبارها إعادة كتابة للنص الأصلي -rewriting- على أساس أن الترجمة بمثابة انتاج للنص لا محاكاة وتكرارا ولد في لغة أخرى ، فعلى حد قول شري سايمون على أعتاب السياسات الواعية التي تطبقها البحوث النسوية ما قالته عن حقيقة تلك المواقع التي انكسفت والتي قيل إنها عالمية)الثقافة العظمى، وشرعة الكتب العظمى والتموذج الثقافي (.فاتضح أنها تعبير في جوهره عن قيم ذكور الطبقة المتوسطة البيض [8]

الترجمة النسوية للنص الأدبي السردي-2 -

تنصت الترجمة النسوية إلى الصوت السائد والاصوات الخفية كما تتمثل سمات هوية الرواية والبطلة والمؤلفة ومدى تمتع المرأة بسلطة السرد وتمثيل الذات أي مدى ظهور المرأة في النص وتغييرها عن حياة النساء والموقف الايديولوجي الذي يعكسه النص بشأن علاقات القوى الجندرية.

عندما نترجم نصا نسائيا غالبا ما يتبادر إلى ذهن المترجم أو المترجمة المتفاعلة مع القوى الجندرية  أسئلة من قبيل

من يقوم بدور البطولة؟ كيف يتم تصوير الشخصيات النسائية؟ هل يتم تصوير الجنسين في أدوار نمطية؟ كيف يتم تصوير/تنميط الانوثة والذكورة في النص؟ هل  يحدث تطور للشخصيات النسائية؟ في أي اتجاه؟ ما هي سمات الهوية وسياساتها في النص؟ من صاحب الصوت المهيمن على النص؟ من يقوم برواية النص – راوي أو راوية؟ هل توجد تعددية في الأصوات ووجهات النظر؟ من يتحكم في وجهة النظر السائدة في النص؟ هل تقوم الشخصيات النسائية بالتعبير على تجاربها من منظور نسائي؟ أم أن المنظور السائد يعكس الهيمنة الذكورية وفيم المجتمع الأبوي؟ كيف يتم تصوير الصراع في النص الأدبي؟ هل هو صراع داخل الشخصية النسائية؟ ما أوجه هذا الصراع؟ هل هل صراع بين الشخصية النسائية وشخصيات تمثل أنماط مجتمعية؟ كيف ينتهي الصراع؟ هل تخضع الشخصية النسائية للقيم السائدة أو تنجح في ايجاد بدائل؟ ما أوجه الصراع بين الرجل والمرأة في النص؟ هل توجد ملامح معينة تتسم بها الشخصيات النسائية في النص من حيث تكرار بعض المفردات أو استخدام صور مجازية معينة أو مستوى ما من اللغة ،ما هي أهم السمات الأسلوبية المستخدمة في النص مثل مساحات الصوت والصمت والمسكوت عنه؟ وهل يحمل النص نبرة استضعافية أو استعلائية أو تحريضية وما دلالتها؟ ما علاقة النص بالنوع الأدبي الذي ينتمي إليه؟ ما الرسالة التي يحملها النص فيما يتصل بعلاقة القوى بين الجنسين؟

خاتمة

تعتبر الترجمة من الأساليب الأساسية لفرض المعنى مع إخفاء علاقات السلطة التي تكمن خلف إنتاج ذلك المعنى، فين تخفي الترجمة علاقات السلطة عن المتلقي تضيف قوتها الرمزية إلى علاقات السلط التي تدور في فلكها، كان ذلك ما حاولت الدراسات الجندرية كشفه باستعمال النقل عبر الثقافي والذي تجسد في مدى استيعاب النظام الأدبي الأنجليزي لرباعيات الخيام مثلا والتي ترجمها فيتزجيرالد استيعابا كاملا حتى تجاوزت إطار الترجمة.

ولما نحت  النظرية الأدبية بالنسبة للفكر النسوي قضايا كالتمثيل   representation  والمنظور  perspective والصوت  voice تم التركيز على سلطة التمثيل لما له من دور في ترسيخ التنميط وتشكيل الهويات، وهو جانب أساسي في إعلاء الصوت النسائي في النص الأدبي في تعرية المسكوت عنه والكشف عن مواقع القهر والتمييز.

المراجع

[1] - سوزان باسنيت وأندريه ليفيفير، بناء الثقافات مقالات في الترجمة الأدبية، ترجمة محمد عناني، نشر مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط1، سنة 2017، ص: 186

[2] -هالة كمال ،النقد الأدبي النسوي ص: 15.

[3] - وتعتبر مدينة كيبك الكندية مهد الترجمة النسوية في الثمانينات.

[4] -(Maggie Humm «gender in the dictionaty of feminist theory » p84)

[5] - هالة كمال ،النقد الأدبي النسوي ص: 9

[6] - كانت هالة كمال سباقة إلى استعمال هذه الاستراتيجية، وكذا زندة أوبكر في تصدير كتابها المترجم "النسوية والدراسات الدينية (2012).

[7] - سوزان باسنيت وأندريه ليفيفير، بناء الثقافات مقالات في الترجمة الأدبية، نفس المرجع السابق، ص: 196.

[8] - عن سوزان باسنيت وأندريه ليفيفير، بناء الثقافات مقالات في الترجمة الأدبية، ص: 199.

 

الترجمة والجندر : اللغة من الترجمة الآلية إلى الترجمة الثقافية
Partager cet article
Repost0

commentaires

مجلة وطنية ثقافية شاملة ومحكمة

  • : مجلة دفاتر الاختلاف
  • : مجلة "دفاتر الاختلاف" دو رية مغربية ثقافية محكمة رخصة الصحافة رقم:07\2005 -الايداع القانوني:2005/0165 تصدر عن مركز الدراسات وتحمل الرقم الدولي المعياري/ p-2028-4659 e-2028-4667
  • Contact

بحث

الهيئة العلمية

أعضاء الهيئة العلمية والتحكيم

د.عبد المنعم حرفان، أستاذ التعليم العالي، تخصص اللسانيات، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز فاس المغرب

د.عبد الكامل أوزال، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.أحمد دكار، أستاذ التعليم العالي مؤهل ، تخصص علم النفس وعلوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.محمد أبحير، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال/المغرب

د.محمد الأزمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.ادريس عبد النور، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وعلوم التربية والدراسات الجندرية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس/المغرب

د. عبد الرحمن علمي إدريسي، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

محمد زيدان، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز  الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد العلمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص الدراسات الاسلامية والديدكتيك، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد سوسي، أستاذ مبرز ، دكتور في الفلسفة، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.سميحة بن فارس، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص الديدكتيك علوم الحياة والارض ، المدرسة العليا للأساتذة فاس / المغرب

د.عزالدين النملي، أستاذمحاضر ، تخصص اللغة العربية والديدكتيك ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

دة.صليحة أرزاز ، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص لغة فرنسية، ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.المصطفى العناوي، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص الاجتماعيات ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حسان الحسناوي، أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص اللغة العربية وآدابها ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

د.عمر اكراصي، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.حنان الغوات، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص علومالتربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حميد مرواني، أستاذ محاضر مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية

والتكوين فاس- مكناس المغرب

   د.عبد الرحمان المتيوي، أستاذ مبرز في الفلسفة، مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس -مكناس /المغرب

د.المصطفى تودي، استاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة

.فاس-مكناس

دة.الخالفي نادية، أستاذة التعليم العالي مساعد، المركز الجهوي لمهن التربية

.والتكوين الدار البيضاء-سطات/المغرب

د. محمد أكرم  ناصف ، أستاذ مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس المغرب.

هيئة التحرير وشروط النشر

رئيس هيئة التحرير

د.ادريس عبد النور

هيئة التحرير​​

​​​​​د.عمر اكراصي - د.طارق زينون

د.سعيد عمري- ذة. مالكة عسال

ذ.خالد بورقادي إدريسي

الشروط العامة لنشر البحوث:

  • أن يكون البحث ذا قيم علمية أو أدبية، ويقدم قيمة مضافة للحقل المعرفي.
  • أن يتمتع البحث بتسلسل الأفكار والسلامة اللغوية والإملائية.
  • أن لا يكون البحث مستلاً من أطروحة دكتوراه أو رسالة ماستر أو كتاب تمَّ نشره مسبقاً.
  • يلتزم الباحث بإجراء التعديلات التي يقرها المحكمون بخصوص بحثه، حيث يعد النشر مشروطاً بإجراه هذه التعديلات.

المراسلات: Email:cahiers.difference@gmail.com0663314107