Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
24 mars 2010 3 24 /03 /mars /2010 12:21

she3r.gifالخلوة في عالم مزدحم

جمال الموساوي

 

 

الشعر هو أكثر شيء ينبغي أن يكرس رغبتنا في البقاء، ليس في هذا الأمر طوباوية من أي نوع، لكنها الفكرة الممكنة للتعبير عن مدى الحاجة إلى الكلمات، ليس من أجل وصف الواقع أو سرد الوقائع، بل لعكس تقلبات النفس وما يعرج في الروح.

اعتقدت دائما أن الشعر ضرورة حيوية كالماء مثلا، أو كقطعة الخبز التي لا تحيا الملكات إلا بها. لكنني بت أطرح سؤالا مؤرقا في هذا الإطار بسبب أنني أفتقد تلك الغزارة وذلك التدفق الدائم الذي كان يملأ البياض ولا يبالي بأي إكراهات خارجية. سيكون من التعسف القول إنه انطباع يستند فقط إلى التجربة الشخصية المتواضعة، لأنه أعمق من ذلك وقابل للتعميم إلى أقصى الحدود الممكنة.

هواجس البداية جعلت من الشعر، ومن الكتابة بشكل عام وطنا تلجأ إليه الذات لتستريح من وعثاء اليومي البغيض، أو خندقا تستطيع المقاومة منه، والتواصل من خلاله مع العوالم المتوازية داخل الكائن الواحد، لكنه أضحى في ما بعد أفقا مفتوحا للتأمل في الحياة ولطرح الأسئلة المتعلقة بالوجود، وبجدوى هذا الوجود في عالم يتنكر للوجدان والمشاعر. صار الشعر ممارسة للخلوة الضرورية للكائن في عالم مزدحم. صار وسيلة لمقاومة التنميط وللتعسف الذي يمارس في اتجاه فرض النموذج المهيمن للعيش.

وإذا كانت المناسبة شرطا، أشعر أن فكرة الاحتفال بيوم عالمي للشعر قد بدأت في التلاشي خلال السنوات القليلة الأخيرة. الشعراء تسرب الملل إلى مسامهم من هذا الاحتفال. السبب؟ لا أحد يعرف تحديدا !! على الأقل هذا اعتقادي الشخصي في اللحظات التي أكتب فيها هذه الكلمات.

ما الذي تغير من أحوال الشعر منذ الشروع في إحياء اليوم العالمي للشعر؟ أتحدث فقط عن الشعر في المغرب الذي خرجت منه الفكرة. الفكرة التي لم يمنع نبلها الشعراء من الشعور بالملل من تكرارها، بينما عادة الشعراء التمرد على النمط وعلى الإطار. ها قد عدت إلى الفكرة السابقة !!

إذا استثنينا مراكمة الإصدارات من الدواوين، ما الذي استفاده الشعر؟ هل ارتفع عدد قرائه مثلا؟ هل أكثر النقد من مواكبته والتحريض على ما ينطوي عليه من قيم الجمال؟ تولد القصيدة وحيدة في مكان ما، في ليل أو نهار، ومكتوب لها، وعليها، أن تتقدم إلى الجمهور مجردة من أي سلاح عدا ما تحمله من قدرة على الإدهاش، وكل الخوف أن يكون ثمة من ينسج لها الفخاخ أو يحيك ضدها المؤامرات تحت ذرائع مختلفة. القصيدة غريبة في هذا الزمن بالرغم من كثرة الشعراء. طوبى للغرباء إذن، طوبى لهم دائما، لكنني أعتقد أن القصيدة بغض النظر عن كل الاعتبارات النقدية، والاعتبارات المتحاملة، تبقى في حاجة إلى التعاطف، ليس من باب التضامن أو الشفقة، بل من باب النظر إليها كضرورة تسند الكائن في خيبته حتى يتعافى !

الشعر ابن الدهشة، كما قال أحد أوليائه. ولأنه كذلك، وفي ظل غروب نقد فاعل، يصبح من الصعب الادعاء بإمكانية الحكم عليه حكما مطلقا، لأن الحقيقة نفسها تبقى معلقة إلى الشك بالرغم من جاذبية اليقين أحيانا. بمعنى ما، الشعر ليس مدينا بالولاء لأي ذوق أو أحد أو مدرسة أو نمط. للأسف هذا معطى يتم التعامي عليه وتجاهله. وربما لهذا السبب تحديدا تكثر داحس والغبراء بين الشعراء. شرارات حروب الشعراء إرهاصات لقصائد يتم تحويل اتجاهها من الورق إلى جبهات القتال التي لا تسفر أبدا عن منتصر، بل تخلف في العادة خاسرا واحدا وحيدا هو الشعر.

أعترف أن الفرح بكتابة قصيدة صار أقل وقعا عما كان عليه في أوقات سابقة، وأعترف أيضا أن قراءة رواية مثلا، صارت أكثر متعة وأكثر مدعاة للفرح. هل هذا لأن القراءة تسمح بالدخول إلى عوالم الغير أم لأن جدوى فعل الكتابة غامضة وضبابية؟

لا أريد أن أتناقض. الشعر هو أكثر شيء ينبغي أن يكرس رغبتنا في البقاء. هذا لا غبار عليه، كما يقال، لكن في أي شروط، في إطار أي حوافز؟ لقد كانت فكرة اليوم العالمي للشعر حاملةَ أحلام، ومليئة بالأمل في أن يقترب الشعر أكثر من الناس، وفي أن يقرأوه ويقبلوا عليه، لكن الفقاعة انفجرت. لا النقد حرض على الشعر، ولا الناس تخلوا عن جزء من اهتمامهم باللاشيء والخواء من أجل الشعر. تولد القصيدة غريبة وتنتهي في كتاب أو مطبوع يسترق النظر، حزينا، إلى الوجوه التي لا تزال تسمح لنفسها بزيارة الأكشاك والمكتبات. طوبى للغرباء؟

الشاعر كائن انتحاري. لم يعد الشعر قادرا على "حشد الجماهير" من أجل ثورة مثلا، أو فقط حبا في الجمال، فأضحى الشاعر يكتب قصيدته وهو أشبه بكائن انتحاري يحمل الجمرة، وينتهي إلى الانفجار في سوق الكلمات الحاشد كي لا يقتل في النهاية سوى نفسه.

هذا الواقع، مع ذلك، لم يمنع الشعر من التقدم والارتقاء، كما لم يمنع الشعراء من الاستمرار في التواطؤ مع الحلم، من أجل ليلة بيضاء، في المجاز، تنتهي بسواد على بياض. بقصيدة تسرح في المطلق غير عابئة بكل أسباب القتل، التي تترصدها.

 

 

Partager cet article
Repost0

commentaires

مجلة وطنية ثقافية شاملة ومحكمة

  • : مجلة دفاتر الاختلاف
  • : مجلة "دفاتر الاختلاف" دو رية مغربية ثقافية محكمة رخصة الصحافة رقم:07\2005 -الايداع القانوني:2005/0165 تصدر عن مركز الدراسات وتحمل الرقم الدولي المعياري/ p-2028-4659 e-2028-4667
  • Contact

بحث

الهيئة العلمية

أعضاء الهيئة العلمية والتحكيم

د.عبد المنعم حرفان، أستاذ التعليم العالي، تخصص اللسانيات، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز فاس المغرب

د.عبد الكامل أوزال، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.أحمد دكار، أستاذ التعليم العالي مؤهل ، تخصص علم النفس وعلوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.محمد أبحير، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال/المغرب

د.محمد الأزمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.ادريس عبد النور، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وعلوم التربية والدراسات الجندرية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس/المغرب

د. عبد الرحمن علمي إدريسي، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

محمد زيدان، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز  الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد العلمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص الدراسات الاسلامية والديدكتيك، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد سوسي، أستاذ مبرز ، دكتور في الفلسفة، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.سميحة بن فارس، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص الديدكتيك علوم الحياة والارض ، المدرسة العليا للأساتذة فاس / المغرب

د.عزالدين النملي، أستاذمحاضر ، تخصص اللغة العربية والديدكتيك ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

دة.صليحة أرزاز ، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص لغة فرنسية، ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.المصطفى العناوي، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص الاجتماعيات ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حسان الحسناوي، أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص اللغة العربية وآدابها ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

د.عمر اكراصي، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.حنان الغوات، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص علومالتربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حميد مرواني، أستاذ محاضر مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية

والتكوين فاس- مكناس المغرب

   د.عبد الرحمان المتيوي، أستاذ مبرز في الفلسفة، مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس -مكناس /المغرب

د.المصطفى تودي، استاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة

.فاس-مكناس

دة.الخالفي نادية، أستاذة التعليم العالي مساعد، المركز الجهوي لمهن التربية

.والتكوين الدار البيضاء-سطات/المغرب

د. محمد أكرم  ناصف ، أستاذ مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس المغرب.

هيئة التحرير وشروط النشر

رئيس هيئة التحرير

د.ادريس عبد النور

هيئة التحرير​​

​​​​​د.عمر اكراصي - د.طارق زينون

د.سعيد عمري- ذة. مالكة عسال

ذ.خالد بورقادي إدريسي

الشروط العامة لنشر البحوث:

  • أن يكون البحث ذا قيم علمية أو أدبية، ويقدم قيمة مضافة للحقل المعرفي.
  • أن يتمتع البحث بتسلسل الأفكار والسلامة اللغوية والإملائية.
  • أن لا يكون البحث مستلاً من أطروحة دكتوراه أو رسالة ماستر أو كتاب تمَّ نشره مسبقاً.
  • يلتزم الباحث بإجراء التعديلات التي يقرها المحكمون بخصوص بحثه، حيث يعد النشر مشروطاً بإجراه هذه التعديلات.

المراسلات: Email:cahiers.difference@gmail.com0663314107