Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
16 février 2010 2 16 /02 /février /2010 23:10

الغر والجميلة
قصة بقلم: http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:3NTK-lKvqjjvuM:http://www.maktoobblog.com/wp_userfiles/s/a/sakhr1972/profile/sakhr1972.jpgصخر المهيف

يتأنى، يقتفي أثر خطواتها الثقيلة، يصعد العقبة الأخيرة، يحبس الأنفاس من مصاعدها، يتجشم عناء المكوث جائعا
طوال ساعات بالقرب من الشلال الذي حيَّاهُ برذاذه المُنفلِتِ من البركة المتطاير على أبنية واطئة… حرك الماء برجليه فيما قبضت كفه اليمنى على جذع التصقت فروعه بالماء.. الهدير حلق به في أجواء مفعمة بالأحلام، رآه جذعا بلا أفنان، يأخذ عصا صغيرا ويلقي به إلى البركة، يسمع صوتا ثم يرى دوائر تتسع فوق سطح البركة… تسع ثم تختفي…
قبل ذلك بساعتين، وجد نفسه يبتعد عن المدينة الكبيرة مُنقاداً لشبح يتزين بأكاليل المطر، سبق له أن تابعها بعينيه المسحورتين، التفتتْ إليه المرة تلو الأخرى، منحته ابتسامة ثالثة ورابعة قبل أن تتعثر في أحد الحُفر بالقرب من أكبر دار سينما بالمدينة ، كان هو يسير كعادته على حافة الطوار المقابل، ضحكت عيناه وشعتا بالفرح وقد ابتسَمَتْ هذه المرة ابتسامة طويلة الأمد، شم هواء كثيرا… زفر بسعادة ثم شد على ذراع صديقه، تمنى لو أن شعرها لامس خده تواني قليلة فقط حتى يضع عليها بعضا من الياسمين، توقف برهة، تلذذ برؤيتها منتصبة بالقرب من النافورة وهي تلمس رخامها بأناملها… راودته أحلام وردية وأخذته بعيدا إلى غرفة صغيرة معتمة وسرير أنيق موشى بحرير تعبق فيه رائحة الورود وتنبعث من الجنبات موسيقى هادئة، قال لصديقه بعد أن عض على شفتيه:
- سأقتفي أثرها.
- لكنها ليست وحدها…
- لقد تجاوبت معي.
عبر الشارع مهرولا، وجد نفسه بالمحطة الطرقية، وقد اعتراه قلق من المجهول بعد أن تصَبَّبَ عرقا، شعاع الشمس العمودي ضرب رأسه، جال ببصره بعيدا عنها وبصر في الأرجاء مسافِرَيْن جالسين أو واقفين، هدر محرك الحافلة طويلا… تحول بعينيه بعيدا عنها كأنه كان يحاول أن يستعيد هدأة بارحته، أما هي ، فبَاتتْ تلتفِتُ إليه ولا تنسى أن تغدق عليه بابتسامة هادئة ومارقة ، أخذ جريدة من أحد المسافرين دون أن يقرأ سطرا واحدا، لم يقاوم قرّاً لافحا، غادر الحافلة وأغلبية المسافرين، شم نسيما جامدا، خرج دخان أسود كثيف من الجعبة المهترئة، واستيقظ من هدوئه على رائحة البنزين المحترق…
أما هي، فغمرته بابتسامة واضحة المعالم ثم عادت إلى الناقلة وتركته قابضا على عمود حديدي يَدْعَمُ السقف المعدِنيّ… قال لنفسه بعد أن مسح العرق من على جبينه:
- سأتحمل نار جهنم حتى أحظى بالنوم على صدرك.
اشترى من مقصف المحطة قنينة مونادا في انتظار أن تملأ الناقلة بالركاب، تلذذ مذاق الكوكاكولا الباردة ، سال بعض من السائل على ذقنه، أسند رقبته إلى الحائط متأملا نفسه، ولما جلس السائق على مقعد القيادة، هدر المحرك أكثر، خرج دخان كثيف أيضا، نادى مرافق السائق على المتجهين إلى مدينة الشلال والكرز، كان يُصَفقُ بيديه ويصيح على المسافرين بالتأهب للانطلاق… في الداخل بددت حركة المسافرين صمتا ممتزجا بهدير رتيب، كان هو يرقبها، ابتسامتها الهادئة حملته على أجنحة زمردية، تخيل لون ثبانها وشكله وشكل حفاظات صدرها، ولما غادرت الناقلة المحطة، دخل تيار من الهواء البارد من النوافذ المشرعة، ودخلت خيوط من الشمس لتزور المسافرين… وجد نفسه محاصرا في الداخل بوجوه مختلفة، تأسف قليلا وقال لنفسه: على الأقل، هؤلاء يعرفون إلى أين سيذهبون؟ ولماذا؟
لم تكن المسافة طويلة، كانت نصف ساعة كافية للوصول، هذه المدينة تأتيها الجبال باللفح البارد فلم تكن حارة كشقيقتها الكبيرة، قال لنفسه: لماذا سقطت الفتاة صريعة الهوى بهذه السرعة؟ ولماذا؟
همس وهو يحرك رجله المرة تلو الأخرى في البركة:
- لا شك أنني وسيم.
تحرك غصن من أغصان الشجرة الملتفة حول الشلال، نغمات الماء المتدفق اصطحبت معها تيارا جارفا من الخيال الشارد… لحظات كهذه تنشط الذاكرة مهما تكلسَتْ، ورأى في الأعلى طائرا يحلق حول الشجرة العالية دون أن يبتعد عنها، لمح القوم يفرغون من الأكل ويجمعون الأواني والحُصُرَ الصغيرة.
هي أدخلت على قلبه ما يكفي من الفرح والسرور، لم يستغرب الأمر وأقر في نفسه بأن لا خير في سعادة لا تطول ولا في نعمة لاتدوم وتسلق أدراجا حفرت على التراب ثم توقف لحظة فوق صخرة أعلى التل، بَدَا لهُ الشلال صغيرا في حجم قِرْبَة تفيض ماء أو مثل رضيع لا يبرح مكانه، أمعن النظر طويلا في الشلال، الطريق المحفورة في الجبل الصغير تجيءُ بوافدين جدد، مال إلى الجهة الأخرى وشرََعَ يحث الخطو، عرج على منزل أبيض تسيجه الأشجار، لاحت له المدينة الصغيرة من فوق كحمامة بيضاء تحضن صغارها في وكرها الصغير المحمول فوق فنن تحرسه الأوراق، عاد ليَنظرَ خلفه حيث الشلال ولا طائر أبيض يحلق فوقه وكان قد اكتنز في عقله شيئا من الصور فخففت عنه عناء الإحساس بالوحدة.
تداخلت الأشياء بحدة فيما بينها، رأى الكهل يتوَقفُ عند الضريح قبل أن يدخل إليه وبقيت الفتاة في الخارج وهي تصوب نحوه نظراتها، تمايل مع النسائم الهاربة من جمود الإسمنت، هرب بنظره إلى المدينة الصغيرة، كان ما حولها إلى جهة الشرق والشمال قاحلا… خطرت بباله فكرة، فأخرج من جيبه ورقه وطلب من أحد المارين قلما ثم دَوَّنَ عنوان بيته ورقم الهاتف، قر عزمه على أن يدس الورقة في جيبها.. وفي غفلة من الجميع، دلفت إليه والتقت عيناهما مباشرة، ضمته إلى صدرها وأمطرته بالعناق والقبلات وهو يحاول أن يتخلص منها وقد شد ذراعيها بقوة، كانت دقات قلبه متسارعة وعيناه جاحظتان.
هُرِعَ إليهما والد الفتاة وجذبها نحوه، شدها شقيقها من شعرها بعنف وكاد يسقطها أرضا لولا أن نهره الكهل، قال الأب بصوت منكسر…
- عذرا يا بني، فابنتي تعاني مسا من الجنون و…
فقاطعه، الفتى متسائلا وهو يلهث والعرق يتصبَّبُ من على جبينِهِ:
- ألم تأخذوها إلى طبيب نفسي؟
فرد الرجل:
- أرجو المعذرة ثانية… لقد قمنا بزيارة عدد من الأضرحة، وقد جئنا إلى هذا الضريح لنطلب بركة هذا الولي الصالح علَّ الله يمن عليها بالشفاء.
-

أصيلة

في يناير 2003

Partager cet article
Repost0
16 février 2010 2 16 /02 /février /2010 23:00

http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:SC2ux9iEwz78UM:http://www.alkul.com/online/2008/9/19/maisoon%2520assadi111.jpgقصة قصيرة

الصفر يربح

ميسون أسدي

 

 

الجو بارد والموج عالٍ، وقلة قليلة من الناس على شاطئ البحر.. سارتا معًا، لا شيء يعكر صفاءهما سوى صوت وقع الأحذية على إسفلت الشاطئ، ورذاذ الماء المتطاير، الذي يلامس وجنتيهما بنعومة، والريح الخفيفة تخز العيون.. خلا الشاطئ من ضجيج زواره، سوى بعض ممارسي الرياضة العنيدين أو بعض العاشقين الذين انتهزوا فرصة خلو الشاطئ فتعانقوا مختبئين تحت المظلات الإسمنتية المنتشرة هناك.

في شحوب المساء الرائع وفي ساعاته الأولى، اعتادت منال الهروب من دوامة يومها الشائك، لممارسة الرياضة لمدة ساعة يوميًا على شاطئ البحر، بعيدًا عن البيوت وضجيج السيارات وأعين الناس لتتمتع بالهواء النقي، وكانت تفضل أن تصطحب واحدة من صديقتيها: كفاح أو شادية.. صحيح أنها لا تتطابق معهما فكريًا، لكنهما تلبيان حاجتها في تمضية الوقت، فهي حين لا تجد من يرافقها كانت تضطر أن تمشي لوحدها على الشاطئ، وتشعر بأن الساعة أصبحت دهرا طويلا. ويتكدر ذهنها من الهواجس التي تراودها، وما توحي لها بصيرتها، ويظل في روحها إحساس غير سار.

كان العرق يتصبب من جبينهما، وهما تلتقطان أنفاسهما بقوة في مشيهما السريع، وكأن هذه الرياضة فرضت عليهما فرضًا منزلاً، وإذ بكفاح تخترق الصمت، وتطغى بكلامها المتغانج على صوت أنفاسهما المتعالي بقولها لزميلتها منال، دون سبب وجيه- "من الباب للطاقة":

-         اسمعي يا منال.. هذا كثير.. لا يمكنني تحمله أكثر، فهو يريد ذلك لمدة ساعتين متتاليتين..

-         عما تتكلمين؟ من هذا؟ وماذا يريد؟!!

-         إنه زوجي، يعود مخمورًا كل يوم، ويمارس الجنس معي لمدة ساعتين وأحيانا أكثر، وأخبره بأني متعبة لا أستطيع المواصلة، وأطلب منه التوقف، لكنه لا يأبه.. فيشعل الضوء، بعد أن كان يطفئه في الماضي.. صفا له الجو الآن، بعد أن كبر أولادنا وبقيت أنا وهو وحدنا في البيت، يقضي الليل بطوله لاهيا معي..

قاطعتها منال بشعور مفعم بالدهشة قائلة: ألم تقولي، إنه يعود إلى البيت متأخرا، وتعج الخمرة في رأسه كل مساء؟!

-         لهذا السبب لا يكل ويطيل وقته معي..

-         ألم تقولي قبل فترة وجيزة بأنه هجرك في المخدع منذ ستة أعوام، فما عدا ما بدا؟!

تلعثمت كفاح وقالت: سبحان الله.. سبحان من يغير ولا يتغير..

سمعت منال ما قالته كفاح ولم تجب وبقيت مطأطأة رأسها في الأرض وقالت بصوت أكثر غنجا وتعبا بسبب الرياضة:

-         لن تصدقي يا صديقتي إذا قلت لك "بلا مؤاخذة"، بأن زوجي يحوم حولي منذ أن يأوي أولادي إلى فراشهم في الساعة الثامنة ولا ينتهي إلا بعد منتصف الليل..

-         هل أنت جادة؟

-         طبعا جادة، ولما تعتقدين بأنني أمارس الرياضة يوميا.. لكي أبقى بكامل قواي الجسدية.. استعدادا له..

استمتعت منال كثيرا بمشاهدة صديقتها وهي مشدوهة مما قالت، والحيرة والغيرة تلمع في عينيها. وقالت منال بمكر في نفسها: لن تكون أشطر مني.

في اليوم التالي، لم تستطع كفاح مرافقة منال في جولتها الرياضية، فاصطحبت بدلا منها صديقتها شادية، التي بدت مختلفة هذه المرة، فرائحة العطر تفوح منها وتكاد تسبب الدوار في الدماغ من شدتها. ولفت رأسها بشال زهري فاتح، ولبست ملابس رياضية بلون أحمر. ومنذ خطوتها الأولى على شاطئ البحر أخذت تلعن زوجها وخيانته المتكررة لها، فتارة تلعنه وتارة تمدح نفسها بأن الله منحها أولادًا أذكياء، وهم الأوائل في المدرسة، صحتهم جيدة، وهي تملك بيتًا وسيارة وشهادة، ولن تهتم للبغل الذي اسمه زوجها.

لكي لا تستمع منال إلى الاسطوانة المتكررة التي تعودتها من شادية، سرحت بخيالها بعيدًا، مستمتعة ببرودة الجو، حتى تنتهي ثرثرة شادية، أو تغير الموضوع المطروح، فهي امرأة مزعجة بفرحها وحزنها.

توجهتا إلى بعض الأجهزة الرياضية المصنوعة من الفولاذ، ويستعملها رواد الشاطئ لممارسة الرياضة، وهي لتقوية الظهر والرجلين واليدين وشد البطن وغيرها مما يستفيد منه الرياضيون، فاحتلتا الجهاز لتقوية وشد الفخذين، وتأرجح الجهاز فيهما للأمام والخلف، فنظرت شادية ضاحكة وقالت لمنال، هذا جهاز جيد للفخذين ويمنحهما المرونة اللازمة، وهذا ما يطلبه الرجال في يومنا هذا..

-         أي مرونة وأي رجال؟!

ضحكت شادية بصورة هستيرية، غامزة منال بقولها:

-         ألا تعرفين عن أية مرونة اقصد؟!

-         لم أفهم قصدك!

وضحكت شادية ثانية وبصوت أعلى، مع أن منال استغربت سبب ضحكها، قالت لها:

-         ألم تقولي بأن بغلك (زوجك) يخونك باستمرار؟

-         صحيح يخونني ولكنه يكون معي يوميا في الفراش، لا أريده أن يترك البيت ليحظى بالسعادة معي وتفرح به أخرى. ليبقى معي وفي بيتي ومع أولادي، نحن أحق به من محظياته، سأريه من أنا...

-         لكنك أخبرتني سابقا، بأنه منذ أن أنجبت ابنك الرابع والأخير، بالتحديد منذ أكثر من ثلاثة أعوام لم يقترب منك، بل يعاملك بمنتهى القسوة، وقد شكيت إلى أمه وأخيه الكبير، ولم يجدي ذلك نفعا؟

تأففت شادية في وجه صديقتها وانتبهت إلى أن منال لا تصدق ما قالته، فأردفت: لماذا تشككين في أقوالي؟ وماذا عنك أنت، فكلنا في الهوى سوى..

أجابتها منال فورا: زوجي يكون معي ثلاثة مرات في اليوم، في الصباح قبل إشراق الشمس، وعند المغيب. وحين يضيء نور القمر غرفة نومنا..

-         إعتقدت أنكما لستما كذلك، فزوجك فاتر الهمة ومنطفئ الموهبة..

-         إعتقدي ما شئت، فلم أخبرك مرة بأن زوجي يخونني أو أنه هجرني مدة ثلاثة أعوام.

أمسكت منال بيد صديقتها المتشنجة وقالت لها بلطف، تعالي يا حسنائي، سأدعوك الآن إلى فنجان شاي وعلى حسابي في المقهى بقرب الشاطئ، وشدت منال ضمها لصديقتها وقالت: تحضرني الآن طرفة، لا أدري أين سمعتها..

-         قوليها، فأنا أحب الطرف..

-         يروى، والله أعلم، أن عجوزين كانا يقامران في أحد الكازينوهات. واقترح أحدهما بأن يراهن كل منهما على رقم يطابق عدد المرات التي يمضي فيها مع زوجته في الفراش أسبوعيا.. فاختار الأول الرقم ستة، أما الثاني فاختار الرقم سبعة.. دارت آلة الحظ وجاءت الكرة على رقم صفر.. فنظر أحدهما إلى الآخر وقال: لو قلنا الحقيقة لكنا ربحنا!!

(حيفا)

 

 

Partager cet article
Repost0
11 janvier 2010 1 11 /01 /janvier /2010 16:42
Partager cet article
Repost0
10 janvier 2010 7 10 /01 /janvier /2010 22:28

قصتان من زمن الإنفجار العذب
  جلاء عزت الطيري

1
فقلت له شكرا
————————–

يطالعنى كل صباح كشمس بهية أبادره أنا بصباح الخير يغض الطرف ويتمتم صباح النور
ما أن اتحرك من أمامه حتى اشعر بنظراته تنفض خجلها على جسدى ، التفت حتى أتأكد من هذا الإحساس القابع فى
أرى عينيه مصوبتين نحوى أعمدة من كهرباء تشعل اعينا ، يتوارى ببصره بعيدا ، يجبر عينيه على العتمة ، ربما التفاتتى قد اشعرته بالخجل ، تسقط عنه أشياؤه دفتر التحضير كراسة الفصل يعدو بعيدا بعد أن يلملم أشياءه التى افترشت أرض الطرقة المؤدية إلى الفصل ” ثمة أحلام تراودنى ”
لو أنى أفعل كما فى الأفلام القديمة فألملم عنه أشياءه الساقطة ، يلمس يدى فترتعش تحط على كفى العصافير ، لن اغض الطرف سأدع يده تمارس حريتها على كفى ، اتلصص على وجهه اكتشف ملامح أخرى تختبئ خلف نظارته وذقنه التى تناثرت عليها شعيرات غير مرتبة( أنا لا أحب الرجل حليق الذقن)
سأقولها له وأنا أخفى نظرة مواربة إلى وجهه .
“” ابتسم لنفسى ربما هذه الأفكار تناسب رجلا “”
وحده العشق الذى دحرج على رأسى هذه الأفكار… حين يصارحنى بعشقه هل سأقول له أنى كنت أفكر فيه ؟ وأن الكون يختصر فى فضاء يديه … وأنه مالكى ومملكتى … أم سأضع يدى على فمى المرتعش وأتصنع الدهشة وأقول لقد فاجأتنى .
أطفال أشقياء يتصايحون يجبرون احلامى المجنونة على التعقل والركود فى مخزن الذاكرة .
على السبورة اكتب شعر عنترة العبسى
ولقد ذكرتك والرماح نواهل منى ** وبيض الهند تقطر من دمى
فوددت تقبيل الســيوف لأنها ** لمعت كبارق ثغرك المتبسم
أحاول أن اشرح البيت .. وكيف أن عنترة تذكر حبيبته عبلة وسط
غمار الحرب ، فود تقبيل السيوف لأنها لمعت كثغر حبيبته
يتعجبون من هذا الأبله الذى ينسى السيف ويتذكر امرأة ربما هى الآن مرتبطة بآخر .
أحاول اسكاتهم.. يخرجون عن سيطرتى … الحصة أوشكت على الانتهاء … احتمى به منهم … يحتل مساحة كبرى من عقلى، يتصارع الطلبة عند خروجهم …اتباطئ فى الخروج ،على أقابله عند خروجه من الفصل ، ابحث عن حجة مناسبة أوقفه بها كى اتطلع إلى عينيه، يقترب منى ، استوقفه، تبخرت حجتى وطارت فى الهواء ، ما احوجنى الآن لبعض ذكاء يخرجنى مما أنا فيه .
الصمت بيننا أصبح جسرا تمر عليه نظرات خجلى تخشى البوح احتاج الآن لألف حجة كى أحبك بطريقة لائقة … ما تزال رائحة الطباشير عالقة بيدى.. افركها بمنديل الكلينكس.. بينما هو يعبث فى حقيبته طال الصمت بيننا ، ربما شعر بحرجى
انقذنى ولد عندما سألهُ عن درس لم يفهمه،،،
انتهزت الفرصة وهربت حاملة معى عشرات الأسئلة تنقر بابى،،،،،،
لماذا لا يتكلم ؟
هل يريدنى أن اجثو على قدمى وأقول فى ذلة العبد أحبك ؟
هل افعلها ؟ إن لم يفعلها ويقول احبك؟ انا أيضا لن افعلها ،،،، سألقى بكل حجارتى العتيقة فى وجهه وامضى .
ربما لا تشغله أسئلتى ، ربما أنا أيضا لا أمر بشرفات قلبه ، ويلى لو كان قلبه قد أغلق بسياج غير سياجى .
هذا الذى أحب … ألم يعلم أن الحب إذا دخل قلبا استبد به واستباح احلامه … وها هو يجبرنى أن اقضم أظافرى أن أنادى على كل رجال العالم باسمه.. أن اخطئ وأوقع فى دفتر الحضور باسمه،،،، يتلاشى اسمى تحت وطأة تملكه … هذا الذى استباح قلبى، جعلنى امرأة مهزومة فصرت كشجرة تكسرت أغصانها .
تحت شجرة البونسيانا فى فناء المدرسة جلست … من بين وريقات الأشجار أتابعه من حين لآخر أراه يختلس النظر إلى.
( لى الآن أن احلم بيوم يجمعنى واياه.. ألفه بدفء الروح فى الصباحات الماطرة .. انزع عنه قميصه اشم فيه رائحة تفاح يزهر . أؤنسه فى المساءات الموحشة… انفض عنه غبار التعب … أنام على ذراعيه نلوك سويا أخبار النجوم الهاربة… نسترق السمع لهسيس الأشجار وزقزقة عصافير ضلت أعشاشها . )
حلمى فتح شرفاته وهرب تحت أقدام أطفال يتقاذفون الكرة ويتصايحون ، ومدرس التربية الموسيقية يتثاقف على، ويسألنى إن كنت سمعت السمفونية التاسعة لبيتهوفن .
” يا الله ليته لا يقترب منى ، فأنا فى غير حاجة إلى وجهه الذى يشبه لوح الثلج وشعره المغسول بدهن الفازلين ”
صباح الخير والياسمين الراقص على أنغام الراب والروك اندرول
أم نقول صباح الزمخشرى وسيبويه وكل يحى بما يفهمه .
” ياالهى ما اثقله لو أن للسخافة اسم لكان هو ”
لماذا تجلسين بمفردك مع أن زميلاتك مجتمعات فى حجرة المدرسات،،،،،
مالى أراك شاردة ؟
هل تفكرين فى شئ ؟
قالها وهو يمسح على شعره
( هذا السمج هل يظن أنه يأخذ مثقال ذرة من تفكيرى ؟)
أم ستكتبين لنا قصيدة شعر .. فأنا اعلم أن معظم مدرسى اللغة العربية يكتبون الشعر …
“يا أرحم الراحمين فلتخمد هذا الذى نزل بأسئلته على رأسى كمطرقة ”
لا يا سيدى أنا لا أكتب الشعر أو غيره كل ما هنالك أنى اشعر ببعض الصداع فأردت الجلوس بعيدا فى هدوء .
ما رأيك لو نتحدث قليلا
اعتـذر
لماذا ؟
قلت لك أنى اشعر بصداع والكلام سيضاعف من حدته
ولكن ،،
” انقذنى يا رب من هذا المتطفل ، استجاب ربى لدعائى حين دق جرس الرابعة ”
استأذنته فى القيام
وحين هم بالقيام
عدت مرة أخرى ، ربما شعر أننى لا أريد التحدث معه .
ماذا يحدث لو جلس بجانبى هذا الذى يحمل فى عينيه قطيعا من الأحلام الهاربة ، أو تسرسبت إليه بعض من ثرثرة مدرس الموسيقى فعرف أن هناك قلبا يدق نافذتى مثل جرس صلاة ويقول فقط اعشقينى .
ألا لو أن خجله ارتوى بماء عشقى لنبت فى فمه أخضر الكلام
من البعيد يأتينى صوت ماجدة الرومى تغنى
” تكلم لماذا الرجل الشرقى حين يلقى امرأة ينسى نصف الكلام ”
جالسا فى حجرة المكتبة وحيدا … تشرد أصابعه فتداعب وردة سقطت بعض أوراقها … ينزع أوراقها الباقيات يلقى بإحداها بينما تنعس الأخرى بين طيات دفتره .
لو كنت أنا الوردة لنعست بين ذراعيه واطبقت جفونى … أفاق من شروده إثر خبطات حفيفة على باب المكتبة .
استأذنته فى الجلوس .
طلبت منه دفتر الدرجات لكى انقل منه أسماء الطلبة المشاركين معى فى نشاط الخطابة والشعر ،،،،،،،
” وحيدين كنا أنا وهو ”
هذه فرصتى ، حاولت الضغط على زناد جرأتى ولكنى فشلت بعد الطلقة الأولى … أعطانى دفتر الدرجات … سقطت منه صورة لفتاة … مددت يدى التقطتها من على الأرض … أتوارى ملمومة على نفسى … افتش فى ملامحها التى تشبهنى …
مد يده ليأخذها…
هويت كفراشة انكسر جناحها
تثلجت ،،،،،
تحجرت دمعة على وشك النزول ،،،،
تناولت دفتره بعد أن أخذ منه صورة حبيبته التى تشبهنى بكلمة تحاول أن تشق طريقها إلى الخروج استأذنته
فى الخروج
وقلت له شكرا
2
لأجلك خضَّبتُ شفتىَّ
——————————–

-هذا الجميل الذى يجلس على طاولته …. يرتشف قهوته الصباحية ويطالع الجريدة ..
حاولته على نظرة فلم يعرنى انتباها … فيا أيها الحمقى أفسحوا مكانا له فى القلب …
هذا الحلو دخل جدران القلب .. نظفه من حماقات الماضى علق صورته وأعلن حق الامتلاك ، بالأمس استباح منافذ حلمى … ألبسنى غيمة وتدثر هو بالريح فأمطرت حبا على عبير وردة احتوتها طيات كتاب نزار استيقظت ،
طفلة أنا انضجنى الهوى …
لأجله فككت ضفائرى والقيت بشريط الساتان الأحمر ، خضبت شفتى .. حذاء عال جدا لأجله فقط ارتدته قدماى … لم افلح معه وأنا القارئة لكل شعر نزار .. بارادتى انزلق الكوب من يدى فتلون المفرش الأبيض … وبإرادة منى أيضا اصطنعت الفزع … المكان مكتظ جدا ..
استأذنت ذلك الجميل الذى يجلس على طاولة فى الجلوس بجانبه ..
ربما أفلحت هذه المرة …
خلع نظارته الزجاجية وطوى صحيفته .. يا لجمال عينيه ! .. لابتسامته بريق الشمس .. نظر إلى شعرى المنسدل على كتفى ، وعلى سيقانى المختبئ نصفها أسفل الطاولة … ربما أعجبه حذائى ذو الكعب العالى … من الكاسيت يأتينى صوت ” سيلين ديون ” جميل جدا فيلم تيتانيك …
هل شاهدته ؟
فاجأنى حينما قال : إنه لم يشاهده !!
هذا الرجل يفتقر إلى الرومانسية !!
سأعطيه دروسا فى الحب !!
ادهشنى حينما سألنى عن عمرى
هذا الساذج لا يعرف كيف يعامل النساء !!
لم أدر ماذا أقول ؟
زدت على عمرى خمس سنين وقلت :
عشرون !!
أعطيته وردة !!
نظر فى ساعته ،
أبقى الوردة على الطاولة … واستأذن فى القيام ومضى …
من البعيد رأيته يتأبط ذراع فتاة ربما كانت فى العشرين ، من الحقيبة أخرجت شريط الساتان الأحمر ، لملمت شعرى المنسدل على كتفى
ومضيت !!
galagala19@yahoo.com
:
من مجموعتى القصصية الاولى الصدارة طبعتها الاولى عن هيئة قصور الثقافة وطبعتها الثانية عن دار الحوار
 

Partager cet article
Repost0
18 décembre 2009 5 18 /12 /décembre /2009 11:30

 

أقاصيص عابرة

بقلم/ زينب علي البحراني- السعوديّة

(1)

طال عمرك !

 

كان محتداً في عباراته المشحونة بنبرة الحنق، يشكو لصديقه جبروت سلطان الحاكم وبطشه بمدينة (نفاقستان) بمن عليها وما عليها، داعيا عليه وعلى حكمه بعاجلة الهلاك بأسلوب تعمد أن يلبس كلماته أثواب المواربة في كل خطوة من خطوات سيره مع صديقه. وحين وصلا إلى الشارع الذي يرتفع فيه كبرياء قصر حفيد الحاكم قال له صديقه بوخزة مرتبكة :

 

-         اصمت .. فلكل ذرة من ذرات الهواء هنا أذنين .

-         أنا لا أخشى شيئاً ولا أحداً أيها الجبان .. ولا أخاف سوى ممن خلقني .

 

فجأة ، قفز الفأر المدلل لابن حفيد الحاكم من حديقة القصر راكضا أمام قدميه ، وإذا به يرفع كفيه بالتحية لسيادة الفأر قائلا :

 

-         صبّحك الله بالخير.. طال عمرك .

 

كانت ركبتاه ترتعشان ، وكان عليه العودة إلى منزله سريعا ، كي يغسل ملابسه الداخلية !!..

 

 

************************

(2)

 

أسبرين

 

عاد فجأة .. كما بعد كل مرة يختفي فيها طويلاً دون أن يلتفت إلى بحث تساؤلات قلقها الملحاح عنه ، لكنه هذه المرة تأخر إلى درجة شفائها من إدمان صوته ، فارتد البصر إلى قلبها من جديد ، وفطنت للمرة الأولى أنها كانت دوما على قيد انتظاره كلما احتاجها طوال ما مضى ، بينما لم تكن تجد نفسها سوى وحيدة .. مهملة.. منسية.. ملعونة إلى صحارى الوحشة كلما احتاج دمار في أعماقها إلى مسامعه . ولأنه – كما أكد سخطها الأخير – ذو عقل تشرنقه قشرة أكثر سماكة من أن يدرك بأنها هي الأخرى لها شرايين ، فقد انتابه ذهول صاعق حين قالت هذه المرة بصوت جليدي لم يعرفه من قبل :

 

-         آسفة .. ابحث لك عن علبة أسبرين أخرى .. غيري  .

 

قبل أن تصفق سماعة الها

 

(3)
لا حاجة للسؤال !

 

سألها بنبرة بذل أقصى ما بوسع حنجرته كي يجعلها تبدو خالية من لهفته السرية :

 

-         ألم ينبض قلبك بحب رجل ما .. من قبل .

 

قالت بسرعة مشحونة بالثقة وهي تهز رأسها مؤكدة :

 

- كلا.. على الإطلاق.. الأمر لا يحتاج إلى سؤال ، فأنا من أسرة محافظة إلى درجة تكاد تبلغ حدود التزمت تجاه مثل هذه الأمور ، ثم هل نسيت في أي مجتمع نعيش ؟! .. إن مجرد مقدرتي على التحدث اليوم معك هي إحدى معجزات أحلامي الكبرى التي يصعب وصف سعادتي بها .

 

لمحت أنه قد تنفس الصعداء ، فتنفست أعماقها الصعداء بسرّية .. إذ كانت تدرك أن احترافها تأدية تلك الكذبة العتيقة سيرضي غرور رجولته الشرقية التي ترفض غير التفرد بدور البطولة مهما ارتدت قشور التحرر، ورغم تضحية احتمالها هي لحقيقة ماضي الفتيات الثلاث اللاتي توالين قبلها على قلبه الثيّب !.

 

 

***********************

(4)

 

تمرّد !

 

سأل ابن مدينة (البر والإحسان) ضيفه مواطن مدينة (قمعستان) عن سبب نزوحه إلى ضيافة هذه المدينة فقال :

 

- قبل أسبوع ، أصدر حاكم مدينتنا أمرا بتحريم الكلام والصراخ والضحك والبكاء على جميع سكان المدينة ، فانصاع جميع أفراد عائلتي لهذا القرار دون إبطاء ، غير أن طفلي الرضيع الذي ولد قبل أمس كان ذو صوت عنيد التمرد ، فطردنا بسببه من المدينة ! .

 

 

Partager cet article
Repost0
20 juillet 2009 1 20 /07 /juillet /2009 12:23

من ملف العدد الثالث

قصص قصيرة جدا

محمد عطية محمود

 

 

 

 

تواصل

 

ضغط على أطراف قدميه .. شد جسمه الضئيل لأعلى .. ترك مقود العربة الحديدية ـ المحملة عليها بالة كرتون قديم ـ للحظة ، انحشرت فيها أصابعه في تجويف ما بين أسنانه ولسانه .. انطلقت صفارته صوب زميله ، المترامي لبصره ، عند نهاية الشارع المكتظ .

واهنا خرج الصفير . زاعقا أتاه صوت آلة تنبيه سيارة من خلفه .

هبط كعباه إلى الأرض . دفع عربته إلى الأمام ، منحنيا بها ؛ لتحاذي الرصيف .

عاودت قدماه الارتفاع بمشطيهما ، وعيناه على مدى رؤيتهما

توقف باعثا بصفيره الآخذ في القوة ، والمتقطع .

اندلع صـوت من داخل أحد المحلات زاجرا إياه . أوقف صفيره . أشاح بيده . عاود دفع العربة وسط الطريق .

حينما لمح زميله يتباعد ، توقف .. ارتقى بأطرافه مرة أخرى .. بعث بصفيره ، متتابعا .. زاعقا بأقصى ما لديه .

من على الرصيف ، ومن داخل المحلات ، ومن خلف مقاود السيارات .. تدافعت عليه الأصوات .. تدفق السباب .. لكن صفيره ظل يتصاعد بلا كلل حتى التفت زميله ، وتواصل صفيرهما معا 

 

 

توهــــــــــــج

 

يمر كل يوم .. في الشارع ، والشوارع المجاورة

في موجات دفعة لفرنه المتنقل ـ المحمول فوق العربة ـ تطرد مدخنته دخانها الخابي ؛ فيعمل على إذكاء النار

يتصاعد الدخان .. يملأ عنق المدخنة .. يخرج .. يلف ( الأهرامات الثلاثة )  ، الملتصقة بظهر الفرن الأسطواني كثلاث رايات مشرعة .  يغطي الكفين (الخمسة و خميسه) المتصدرين لمقدمة الفرن .. ينتشر في الجو ممتزجا برائحة الكيروسين المحترق .. يزكم الأنوف .. يخنق الصدور .. يتسلل زخمه عبر النوافذ والشرفات إلى الداخل .

في مقابلة الريح .. يتحول الدخان ناحيته .. يتفرق حول ( لفظ الجلالة ) المثبت أعلى الباب الصغير للفرن . يلفح وجهه ؛ فيغمض عينيه .. تتابع دفقاته سباقها نحو رنتيه .

يسعل .. يحشرج بصوت مبحوح .. يتنحنح .. ثم يعلو صوته مناديا على (بضاعته) المشوية .

 

 

 

 

طــــــــــلّة

 

تعالى صياحه ، مناديا .. مبددا صمت الزقاق

تحت ذات البيت ، توقف بسلته .. أسدلها على الرصيف المكتنز . انتظر صوتها اللاذع ، الممطوط .. يأتيه من الداخل :

-        " انتظر .. قليلا "

ترقب طلّتها ، اندفاع صدرها الممتلئ نحو جدار الشرفة ، يلازمها قطها السمين . يتربع على حافة الجدار .. تتخلل أصابعها فروته الوثيرة ، ومن يدها الأخرى تهبط سلتها (الخوص) .

هيأ نفسه لمماطلتها .. جهّز كميتها المعتادة من السمك .. احتجز منها قليلا .. رتب كلماته المعهودة .

سيفرغ في سلتها ما جهز . لن تقنع به . سيتعلل بغلو الأسعار .. سيظل يصعد برأسه .. ينزل بها ، مرارا ؛ حتى تتمكن عيناه من غزو ما بين نهديها ، ولو للحظة

سيعطيها ما تطلب ، ويزيد . ستمنحه فوق الثمن بعض الضحكات .

 

طال انتظاره ؛ فارتفع بعينيه .. وجد ذات القط وحيدا .. ضامرا .. ينبطح على ذات الجدار .. يتشمم ـ في لوعة ـ رائحة السمك الفائحة من السلة .

 

 

ســـــــــــــبُّابة

تراجعت يمناه ـ المختبئة في جيب جلبابه ـ أومأ محركا رأسه في اتجاه الشاعر الواسع 

لم يفلح (صبيه) في تحديد المكان .

انتصب واقفا ، مكورا قبضته المختبئة . تصدّر بطوله الفارع باب محله . جذب ، بيسراه ، الصبي من ياقة قميصه ، مادا رقبته بانحناءة نحو صدره .. مشيرا ـ برأسه وعينيه ـ في نفس الاتجاه .

حملق الصبي في اللاشيء مغمغما

ازدادت الأصابع التصاقا بالكف . انكمشت  ذراعه اليمني إلى جنبه . قبضت يسراه على ياقة القميص بشدة . سحبه معه إلى خارج المحل متجها ببعض خطوات

مع اندفاع جسم الصبي ـ في قبضته ـ ومقاومته المضغوطة ، اهتز جسمه .. تراخت الذراع اليمنى.

بلا وعي .. انسلت يمناه من جيبه .. انفلتت أصابعها الواحد تلو الآخر ـ من أسر قبضتها ـ تنقصها (سبابة) .. انضغطت رأسه أكثر إلى صدره .. امتدت ذراعه ـ مرتعشة ـ لتلاصق رأسه ، وتشغل يده ـ مفرودة ما بها من أصابع ـ الحيز أمام عيني الصبي مصوبة نحو المكان .

 

 

بصــــــــيرة

 

على ناصية شارع السوق .. لفظته الحافلة .. تخلل أنفه نسيم البحر .. راحت عصاه تتحسس خطاها في لهفة .. تطوحت رأسه فوق رقبته يمينا وشمالا ، كأنما تصغي أذناه إلى صوت ما .

إلى كتف أول مار استند .. طلب منه اصطحابه إلى أحد الأزقة المتقاطعة مع الشارع

رفع عصاه عن الأرض .. ضمّها تحت إبطه .. شد رأسه ورقبته ؛ فاستقامتا مرتفعتين إلى الأمام .. التحم ودليله بزحام السوق .

حين اجتازا أول تقاطع .. فاجأته رائحة الفسيخ المملح .. ابتلع ريقه الجاف ، ومضى متمتما :

" يا مسهل "

عند التقاطع الثاني .. انفجر صوت بائع الطماطم الأجش ، مخترقا صخب الشارع المعتاد .

تحسس عصاه .. همس ضاحكا :

" لن تنجو من جنونك حتى تتخلى عن بيع هذه المجنونة ."

من ناصية التقاطع الثالث .. هجمت عليه روائح الفاكهة مجتمعة . رفع ساعديه إلى رأسه . قلوظ عمامته . ربّت على كتف دليله . دعا له . علا صوته متهللا :

-  ها .. قد وصلنا .

ومضى .. تتحسس عصاه خطاها في ثبات إلى داخل الزقاق .

 

الإسكندرية

مصر

Mohamadattia_2003@yahoo.com

 

 

 

Partager cet article
Repost0
3 juillet 2009 5 03 /07 /juillet /2009 22:03

 من ملف العدد الثاني:

 

الرحلة إلى طرابلس :

 

كَازَابْلانْكا- تْريبُّولي

  ذهاب وإياب

 

شعيب حليفي

 

·       مقدمة العقد

في كل رحلة تتحقق لي فرصة للتأمل وبناء الأفكار واستيضاح الرؤى ، وقد عدتُ إلى نفسي  في صيف حار  فنويتُ السفر إلى طرابلس الليبية بعدما كنتُ، وخلال سنة كاملة، مُتبرمًا من الانتقال خارج الوطن ، أجد من الأعذار ما أُقنع به نفسي  وغيري .

كانت أمامي ، هذه المرة  ، لقبول الدعوة ، أسباب أعتقدُها مقنعة لي .أهمها انتهائي من ثلاثة أشغال..فقبل شهر انتهى موسم الحصاد في جو مشبع بالصهد والغبار الحارق والتعب الذي أشعرني بإرهاق شديد .كما انتهى الجزء الأكبر من امتحانات طلبة الإجازة والدراسات العليا  ومن مناقشات البحوث ، وأخيرا انتهاء أنشطتنا الثقافية.

كما انجذبتُ إلى رغبتي  في الكتابة ، بتقييد هذه الرحلة ، بعدما انتهيت قبل ثلاثة أشهر خلت  من كتابة آخر حلقة من اليوميات والتي كنتُ أدونها في نهاية كل شهر خلال عام كامل ، فشعرتُ بالرغبة في كتابة شيء آخر  له علاقة بما هو ثقافي ، يعكس مشاهداتي برؤية مفتوحة ...فتشجعتُ وعقدتُ العزم والحزم ، وفي يقيني تدوين "نص رحلي " يأخذ شكل رُحيلة مروضة، أكتبها بروح روائية .

 

·       أقول ما قاله في خاطره

يوم السبت عشرون يونيو ، قمت باكرا ، متجها نحو مدينة سطات . وجدتُ بالبيت والدتي التي كانت لا تزال نائمة من تعب خفيف أَلَمَّ بها .جلستُ إلى جوارها نتحدث ونحن نتناول فطورنا ، كما رتبتُ لأخذها ، بعد رجوعي ، لإجراء بعض الفحوصات الطبية بالدار البيضاء .بعد ذلك توجهتُ إلى سوق السبت حيث وجدتُ بويا محمد بن عبد السلام جالسا في مكانه برحبة الأبقار يحكم –كما تعوَّد - بعدله الاستثنائي ، وهو محاط بعدد كبير من المتخاصمين .

وصلتُ في اللحظة التي كان فيها أحد الفلاحين -  وتبدو عليه علامات الغفلة والسذاجة- يقدم شكواه برأس منحنية وعيون دفينة .وكان بويا ، الذي يكره المغفلين ، ينظر إليه وهو مشمئز منه  ، وربما قال في خاطره :" أنتَ هنا آكُرِّيط في سوق يخشى الشيطان دخوله والمعاملة مع أهله هؤلاء ".

أتممتُ باقي يومي  بسطات إلى حدود الساعة السادسة ، في قضايا روتينية بالمقهى ثم بالبادية .

كلمتُ زوجتي بالهاتف كي تهيئ لي حقيبة السفر بما خف من ملابس ، بعدما تعذر عليَّ الرجوع إلى الدار البيضاء تلك الليلة .

في الصباح وصلتُ باكرا ، وفي التاسعة خرجت رفقة علاء إلى سوق السمك والخضار والفواكه،  كما أنجزتُ مهام أخرى متعلقة بالبيت ، ثم مررتُ لدى حلاق بشارع الفداء قبل أن أعود في العاشرة النصف ..استحم ثم أحمل جواز سفري وحقيبتي السوداء .

 

·       ويضيعُ من قدمي الطريق

في الساعة الحادية عشر والربع صباحا ركبتُ القطار من محطة الوازيس في اتجاه مطار محمد الخامس ، وبعد أربعين دقيقة وصلتُه لأشرع في إجراءات السفر الأساسية  ، وكان من المفروض أن تقلع الطائرة في الواحدة ظهرا ، لكنها تأخرت بأربعين دقيقة عن موعدها .

ركبنا طائرة الايرباس 320 - الرحلة 313- برفقة قائدها عبد الله طيرا. وبعد قليل صار طريقنا فوق السحاب على علو يقارب عشر كلمترات عن سطح الأرض ، في طائرة شبه فارغة  ربما بسبب بعض الإجراءات التي استحدثتها السلطات الليبية  تجاه دخول وخروج العمال.

كنا رفقةً في هذه الرحلة من وفد متكون من : أنور المرتجي  ، أحمد حمدان، محمد الداهي ، سعيد يقطين ، عبد اللطيف محفوظ ، مصطفى الشادلي ، عبد الجليل ناظم ، وعبد ربه ، فيما سيلتحق بنا في اليوم الموالي كل من  محمد الفران وبديعة الراضي وهي أديبة وصحفية ملحقة  بالسفارة الليبية بالرباط  ، باقي المشاركين المغاربة هم من النقاد والباحثين الذي يشتغلون بالجامعة المغربية ولهم تآليف في النقد .

جلستُ بالمقعد التاسع إلى جوار عبد اللطيف ، وبعد ساعة قدموا لنا أكلا رديئا ، ولاحظت كما لاحظ صديقي ، في الجهة المقابلة لنا شابة محجبة في حوالي الثلاثين من عمرها ، تحمل بين يديها مصحفا شريفا في حجم كف اليد، تقرأ فيه منذ ركوبنا الطائرة ، لكنها قبل نصف ساعة عن الهبوط بدأت تتخلص  من كل ما كان يوحى بالجو الديني الذي كانت مستغرقة فيه ، وأخرجت عُدةً كاملة من أدوات التجميل  القادرة على تغيير ملامحها من امرأة مستترة وهادئة  إلى أخرى فاضحة .

هبطت بنا الطائرة في مطار طرابلس العالمي في الساعة 4.25 بالتوقيت المغربي (التوقيت الليبي المحلي يزيد بساعة عن توقيتنا) .استقبلونا بحفاوة كبيرة ثم ركبنا الحافلة المخصصة لنا  نحو فندق باب البحر حيث آويتُ مباشرة إلى غرفتي بالطابق الخامس غرفة رقم 523 قبل أن أنزل للقاء باقي الوفود  وتناول طعام العشاء سويا ، والبقاء منتشرين على الكنبات الموضوعة ببهو الفندق إلى ساعة متأخرة من الليل.

يقع فندق باب البحر بوسط المدينة ،يطل على  شاطئ البحر المتوسط ، وهو ثاني أكبر الفنادق بالعاصمة بعد الفندق الكبير ، يحتوي على أربعة عشر طابقا  وعلى كافة التجهيزات الضرورية ، وقد وجدناه يعج بالحركة كأننا في "سوق عام "،به ثلاثة مؤتمرات يشارك فيها عرب وأفارقة وأجانب .

كنا حوالي ثلاثين مشاركا من المغرب والجزائر وتونس والبلد المنظم في المؤتمر الذي قدِمْنا للمشاركة فيه  وهو حول (علوم السميائيات  وتحليل الخطاب: معالم وآفاق ) والذي ينظمه مجلس الثقافة العام  .

 

·       أنا حر في تريبولي

يوم الاثنين ، هو ثاني يوم لي بليبيا ، وكان نهارا حُرا لأن أشغال المؤتمر لن تنطلق إلا في الغد ، لذلك نزلتُ من غرفتي في الساعة التاسعة صباحا ، تناولتُ فطورا خفيفا ، وفي بهو الفندق كان كل الضيوف يتبادلون الحديث ويستعدون للخروج في جولة جماعية منظمة عبر الحافلة إلى المدينة القديمة .

في النهاية خرجنا رفقة الوفد الجزائري حيث تجولنا وتحدثنا  وعُدنا في الواحدة والنصف فتناولنا وجبة الغداء وصعدت إلى غرفتي في قيلولة فسيحة .

 في الخامسة نزلت البهو وكنتُ مع عبد اللطيف نتهيأ للخروج في جولة متحررة  فلفتَ انتباهي شاب يقف وحده  ينظر إليَّ فأشرتُ إليه برأسي مُسَلما ثم تقدم نحوي .سلم علينا بحرارة  كما لو كان يعرفنا . اسمه سيد العزيز كما قدم نفسه لنا.ثم سألته عن بلده ، فضحك وقال لنا بأنه مغاربي إفريقي ، جاء لتتبع أشغال المؤتمر  وسيكتب متابعة لجريدة القدس العربي .

كان منشرحا ، ولما علم أننا عازمون الخروج اقترح علينا مرافقته إلى مقهى نُحبها .

كنتُ منتبها لكلامه ، فجملة "مقهى نحبها " أمر جعلني أرتاب  من شخص نتعرف عليه في بضع دقائق ويُشعرنا بأنه يعرف ماذا نحب وماذا نكره .

وصلنا إلى مقهى بلا عنوان يميزها ، لا يجلس فيها  سوى بعض العمال والمعطلين من مصر والمغرب وتونس ، وجوه متعبة ومستسلمة  بعضهم أخذه النوم  والبعض الآخر يشرب شايه أو يدخن الشيشة .

مقهى شعبي على الرصيف بجادة عمر المختار الممتد من شارع الرشيد والمتقاطع مع شارع درنة ، ذو مساحة صغيرة يحمل رقم 147 ، محاذ لمقهى هويدي ، وهما معا في ملكية المصريين.

لم نجد مكانا فارغا بالكراسي الخارجية السبع ، فدخلنا إلى رحابة ذلك الضيق اللافت . جلسنا  بالقرب من صاحب المقهى  وهو مصري يدخن الشيشة وينظر إلى الزبائن بعين الشفقة.  ومن حين لآخر ينادي على  "بِلْيا" صبيهُ المصري .كما تعرفنا على النادل عبد السلام وهو مغربي اعتقل لمرتين ، لا يملك جواز سفره الذي تحتجزه سلطات الجماهيرية .

طلبنا شايا وقهوة بينما طلب سيد العزيز شيشة .وخلال ثلاث ساعات وربما أكثر بكثير ، ونحن جالسون نستمع إلى حكايات عبد السلام وباقي "الوفد "المغربي العامل .ولكن بعد "التبديلة الثالثة" أو السابعة لشيشة سيد العزيز (وقد صرنا نناديه ب"مولايْ لَعْزيز")  شرع يعترف لنا بأنه لم يأت لمتابعة أشغال المؤتمر ، ومهد لنا بأن مؤتمرنا هو جلسة للطلاسم والأوهام والكلام الفارغ  ، وقال حرفيا :بماذا تفيد السيميائيات في حل مشاكل هؤلاء العمال المنشورين مثل أشباح تاريخية  .

استمر ينتقد المؤتمر الذي لم يبدأ بعد  ونحن نضحك ونعلق على سخريته وشوقنا معلق على ما سيقوله بعد هذا التمهيد .

اعترف بأنه يحب فتاة ليبية سوداء البشرة ، تُدعى سمدونة  وهي ضمن اللجنة التحضيرية للمؤتمر.وكان يصف الأمر كأنه قضية مصيرية لوجدان يحترق .

لم أعره انتباها وواصلنا الحديث والاستماع إلى الأغاني الصادحة من جهاز معلق في ركن حزين ومشبع بالغبار .لكن صوت محمد عبد الوهاب ينتفض وهو يقول :

 

لا لا لا تكذبي إني رأيتُكُما معا
وَدَعِي البكاء فقد كرهتُ الأدمُعا
ما أهونَ الدمع الجَسُور إذا جرى
من عينٍ كاذبة فأنكر وأدعى وأدعي
إني رأيتكما.. إني سمعتكما..

 

·       قاتل وعابد ومذنب

استفقتُ في السابعة والنصف ، وبقيتُ في فراشي  بعدما استحممتُ بماء شبه دافئ ، إلى غاية الساعة التاسعة ، أقلب حينا في الكتب التي سلموها لنا من دراسات وقصص وأشعار لأدباء ليبيين ، وحينا آخر أبحث في القنوات التلفزية عن آخر الأخبار .

لم أتناول في فطور الصباح سوى الياغورت وبعض الزيتون فقط .وفي طريقنا إلى قاعة الندوات جلست في الحافلة بجوار سعيد يقطين، الذي يستمتع المتحدث معه ويتعلم ،  وكنا نتبادل أطراف الحديث حول الثقافة الشعبية المغاربية. فروى لي بالمناسبة ،وفي سياق التمثيل للثراء السردي الشعبي، الحكاية التالية :

" يحكى في زمن سابق، أن رجلا فقيرا  كانت له زوجة ودزينة أطفال  فعانى في إعالتهم ووجد صعوبة كبيرة في الاستمرار رغم إن إخوته وأبناء عمومته من الأغنياء . و ذات ليلة قرر الرحيل ، دون أن يخبر أحدا ، باحثا عن الله ليسأله تغيير حاله من الفقر إلى الغنى .

أثناء مسيره وهو يخوض في الفيافي والصحارى ، وبعد أيام طويلة ..عثر في طريقه على خيمة تقف أمامها امرأة . صرخت في وجهه كي يهرب ويفلت بجلده لأن زوجها لو حضر ووجده فسيقتله ليستكمل به وعدا قطعه على نفسه باستكمال مائة ضحية وقد بلغ التسعة والتسعين .

وبينما هي تحدثه لاح طيف زوجها من بعيد ، فأدخلت الغريب بسرعة وخبأته في ركن مهمل ، ولما حضر زوجها سألها فطلبت منه الأمان ، وقالت له بعدما أمنها ان بالبيت ضيفا غريبا .

رحب به وتناولا طعاما  وسلمه كسوة ونعالا استبدل بهما ما تقطع عليه ثم أمره بالرحيل فورا عن المكان  وسأله عن وجهته فأخبره الغريب بأنه في البحث عن الله ليسأله .فطلب القاتل من الغريب أن يسأل الله عن مصيره.

 

واصل الغريب السير لأيام أُخَر قبل أن يجد خلوة معزولة بها عابد  يدفن نصفه في الأرض ،يتعبد منذ أربعين عاما ليل نهار، وفي كل ليلة  يُنزل الله إليه عنقود عنب أسود وخبزة من دقيق الشعير .لكن الملاك الحنون وبأمر من ربي الكريم أنزل في ذلك اليوم، بالإضافة إلى ما كان يأتي به،  نصيب الضيف الغريب من عنقود عنب أبيض وخبزة من دقيق القمح .فطمع العابد  في تذوق الطعام المغاير لطعامه واستبدلها مقدما للغريب العنب الأسود وخبزة الشعير .وفي الصباح طلب العابد منه أن يسأل الله هل أدرك الجنة أم لا .

في مسيره ظل الغريب يبحث داخل نفسه عن الشعور اللذيذ الذي بدأ يستشعره  رغم المعاناة، وهو ما خفف عنه أهوال الطريق .وفي اليوم السابع عن خروجه من خلوة العابد أبصرفي الصحراء العارية ، ووسط الرمال الكادية رجلا يدفن جسمه عاريا إلا من رأسه المتبقي، فاستغرب لحاله وسأله، فقال له  بأن الله جعله في الدنيا كلما لبس لباسا إلا ونزعه عنه حتى أصبح عاريا بين الناس، ولما دفن نفسه في هذه الرمال أحس بالستر رغم العذابات التي يحياها .وطلب منه أن يسأل الله عن مصيره .

 

غادره وواصل سيره في اتجاه مشرق الشمس دائما، وفي اليوم المائة وبينما هو يستريح أسفل شجرة زيتون  نزل عليه ملاك بإذن من ربي القدير على كل شيء يحدثه عما يسأل الله .فقال الغريب بأنه يسأل أسئلة الرجال الثلاثة الذين لقيهم، فقال له الملاك:  إن الله يقول للأول بأنه قد غفر له كل ذنوبه وجعله من الأولياء .أما الثاني العابد فيقول له ربنا العليم بأنه لن يدرك الجنة حتى ولو عبد الله العمر كله . ويقول للثالث المدفون في الرمال عاريا بأنه إذا لم يحمد ربه على ذلك الستر فسيرسل إليه ريحا صرصرا تطارده أينما حل وارتحل .

وعن سؤال الغريب قال له الملاك بأن الله يدعوه إلى العودة وسيجد ما يريد ."

***

لو أردتُ كتابة هذه الحكاية من جديد فإنني سأضيف إليها ما يلي :

-         أجعلُ للرجل الغريب اسما  ،مع مقدمة في البدء تبرز أنه فَقَدَ كل ما يملك في جائحة من جوائح الزمان.

-         أجعلُ خروجه بعد حلم رآه حتى يبدو مطبوعا ببعض التخييل الرائق.

-         التوقف عند الشخصيات الثلاث (القاتل والعابد والمذنب ) وسرد حكاياتهم  التي تجيب عن سؤال: كيف آلوا إلى ما هم فيه؟ .

-         التغيير في نهاية الحكاية حتى تبدو منطقية،  بحيث وهو عائد بعد وعد الله له ، يجد كهفا لم يره في مسيره الأول فيقرر المبيت فيه حتى الصباح .وبداخله سيجد تلاليس من الذهب والمال محملة على مائة جمل  تنتظره ليسوقها .

سيد العزيز يغني                      

 وفي العاشرة وصلنا إلى مبنى قاعة المحاضرات  بوسط طرابلس .وفي قاعة بالطابق الثاني  افتتح المؤتمر أشغاله بكلمة أمين عام مجلس الثقافة العام سليمان الغويل مرتجلا كلمة صادحة ببديهة مثقف رفيع المستوى متمكن من التراث العربي ومن العلوم الحديثة بفصاحة وسلاسة .كما كانت كلمة صديقنا محمد عبد الحميد المالكي في نفس السياق الممهد لأرضية المؤتمر،مرحبة ومعبرة عن مشاعر الأخوة والتواصل.

استمرت أشغال الصباح  بمداخلات ومناقشات حتى الثانية ظُهرا، بعدها عدنا إلى الفندق .تناولنا وجبة الغداء ثم صعدتُ إلى غرفتي في الثالثة والنصف ، وقبل الخلود إلى القيلولة ،كلمتُ البيت فأسرعت مريم الصغيرة (ثلاث سنوات ونصف) إلى الهاتف  ولما سمعت صوتي صرخت بين الفرح والبكاء تدعوني إلى العودة  وأنها ستنتظرني في المساء أمام  الباب .عانت  زوجتي في أخذ الهاتف منها ، وهي تطمئنها بعودتي القريبة مع لعبة جميلة لها.

  في الساعة السادسة عاودتِ الندوة أشغالها إلى غاية العاشرة ليلا ، فقررنا نحن الثلاثة دائما تناول ساندويش خفيف والذهاب إلى المقهى رقم 147 ( أسميناها مقهى عبد السلام وشركاؤه الكرام  وعلى رأسهم بِليا المشرف على إمداد الشياشين بالنار).

كنا معا ، أنا وعبد اللطيف  وسيد العزيز، بحاجة إلى مكان خال تماما  من النظريات  والسيميائيات والمرجعيات وكل الأقوال التي تتأطر ضمن قوالب جاهزة  أو مكسرة .

سألتُ سيد العزيز عن سمدونة  وهي فعلا موجودة معنا في المؤتمر  وكان إلى جانبها طوال الوقت ، فرد علي بأنها قد خلبت عقله كما فعلت " العزوة "، من قبل، مع الشاعربودلير.

الجوهرة السوداء كانت طوال اليوم إلى جواره تجلس بقربه في غنج افريقي خارق وتقوم بخدمته وتغازله بكلمات أقرب إلى شعر الملحون الافريقي.

قال له عبد اللطيف : لقد وقعتَ آمولاي لَعْزيزْ في حب وجب .

غريب أمر مقهى عبد السلام ، ففي كل مرة يصادفنا صوت محمد عبد الوهاب ، يغني نفس الاغنية على العود ، حتى أني اكتشفتها أول مرة ، رغم سماعي لها بصوتي عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة .


عيناكِ في عينيه.. في شفتيه.. في كفيه.. في قدميه
ويداكِ ضارعتان.. ترتعشان من لهَف عليه
تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني بسوط من لهيب
بالهمس، بالآهات، بالنظرات، باللفتات، بالصمت الرهيب
ويشبُّ في قلبي حريق ويضيع من قدمي الطريق
وتطل من رأسي الظنون تلومني
وتشد أذني
فلطالما باركتُ كذبكِ كله ولعنتُ ظني.

 

قمنا قبل منتصف الليل بقليل وعدنا إلى الفندق ، ومباشرة دخلنا في مفاوضات  بخصوص البيان الختامي للمؤتمر بعدما انتدبنا  السيد المبجل أنور المرتجي لهذه المهمة الصعبة لأننا نعرف قدراته في جعل نص واحد يتضمن طبقات  من التأويلات أكثر من طبقات فندق باب البحر، بالإضافة إلى غرف وخزائن لا يصلها إلا الضالعون في مدارس الثوار.

 

·       لا تفزعْ مني ..فلستُ بثائر

واصلنا ندوتنا في اليوم الثاني وكان مشحونا بتوترات خفية..كنا كوفد مغربي متعودين عليها ، بل أعتقد أننا  ونحن جماعة استعدنا حياة المثقفين الثوريين  وإلا لماذا اقترحنا  السيد أنور (عليه السلام)ليحرك المفاوضات في اتجاهات توحي بأننا في مؤتمر قمة حاسم ، لأن أنور يمكن أن يكون في الصباح الباكرجدا ماركسيا حرفيا ، وفي الظهيرة ليبراليا ممسكا بالقضايا الجوهرية وفي المساء اشتراكيا على الطريقة المغربية  لا يمسك إلا بما بين يديه وعينيه مما يجعل منه ثوريا فادحا من جهة ومحدثا في الدين والدنيا  من جهة ثانية ، بل إنه في العشاء الأخير لما كنا عند السفير المغربي سيُقدم لنا الشيخ أنور شرحا جديدا لسورة سيدنا يوسف انطلاقا من قوله تعالى :" وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ".

كنتُ إلى جواره في اللحظات الحرجة من المفاوضات والتي تتحول في أحايين كثيرة إلى "مؤامرات ثقافية" مشروعة  وهي في النهاية جزء من حراك ثقافي يتطلب حوارا عميقا تؤول نتائجه للذي يستطيع امتلاك لغة الإقناع .  

اكتشفتُ في الصديق المالكي وهو من بنغازي أننا أخوال أبنائه ، وهو مثل كل الليبيين المثقفين والأدباء ، الخلصاء والأوفياء ، وطنيته عالية وصادقة تجاه الروح الثقافية المغاربية .كما اكتشفتُ في سيد العزيز تلك الشخصية التي تعجن الخيال بماء الواقع، أما باقي الوفد المغربي فهم حكماء ومتصوفة ، لهم مثل غيرهم من المغاربيين غيرة كبيرة على المغرب الكبير .

 

***

 

بعد الزوال، اقتطعنا جزءا مهما من الزمن للذهاب إلى مقهى عبد السلام وكان معنا سيد العزيز أيضا  فتركناه يتكلم ويعبر عن مشاعره البيضاء حول جوهرته سمدونة التي اعتبرها ولية من الوليات الصحراويات الإفريقيات ، اختارها الله لتكون له في الزمان والمكان ، ثم تحول إلى الحديث عن مفاتنها السوداء وقلبها الأبيض الحر .يتكلم مسترسلا لا يتوقف إلا لكي يأخذ أنفاسا من شيشته  المجذوبة وشاءت الصدف أن يُتحفنا عبد السلام بنفس الاغنية كلما رآنا ، وفهمتُ أن القرص المدمج هو لمولاي العزيز  العاشق للفن ولسمدونته.

ثم يواصل محمد عبد الوهاب نقراته الروحانية على العود :


ماذا أقول لأدمُعٍ سفَحَتها أشواقي إليكِ
ماذا أقول لأضلع مزقتُها خوفا عليكِ
أأقول هانتْ؟.. أأقول خانتْ
أأقولها؟.. لو قُلتها أشفي غليلي.. يا ويلتي..لا
لا، لن أقول ، فقولي..
لا تخجلي.. لا تفزعي مني.. فلست بثائر.

صديقي عبد اللطيف صدق الحكاية وتعاطف مع مولاي لعزيز، بينما اعتبرتُ الأمر كله لعبة أو مشهدا ضمن صيرورة.

 في لحظة ما ، وكان عبد اللطيف قد استشعر شيئا  بحدوسه الفيلالية ، فأخذ ورقة وكتب عليها ما يلخص شعوره نحو سيد .سلمها إلي لأقرأها في المساء وحدي .

تقول الورقة   وهي تصف الحالة الأخيرة التي رأينا فيها سيد العزيز :"كانت الأشياء تلهمه باستمرار وهو ينظر إلينا  فيتصاعد ما يشبه البخار الروحي في عينيه وشفتيه  .كان أمامنا يتلوى وهو يفكر مأخوذا بسحر داخلي يغمر وجدانه المثقوب كليل صحراوي حزين".

 

·       أين الغربال لأرى ما أريد؟

حل يوم الخميس وهو يوم حُر تلقينا فيه دعوتين الأولى للغداء من طرف الدكتور المهدي امبيرش في برج الفاتح بقاعة طوافة، والثانية للعشاء عند السفير المغربي المهدي العلوي والذي كان حريصا على حضور افتتاح هذا المؤتمر ومتابعته من خلال السؤال وأيضا حرصه على حضورنا في دار المغرب إلى جانب سفراء كل من لبنان ومصر وسلطنة عمان بالإضافة إلى السفير الليبي بالمغرب وشخصيات ثقافية من ليبيا  .

وباستثناء هاتين الدعوتين  ، خرجتُ في صباح يوم الخميس رفقة عبد اللطيف بعدما تعذر علينا العثور على سيد لعزيز فتركنا له رسالة بالاستقبالات عليها رقم 147 ،وهو ما يعني  مقهى عبد السلام .

تجولنا قليلا بوسط المدينة ثم توجهنا نحو المقهى وجلسنا في الكراسي الخارجية .سألنا عن عبد السلام فقال لنا" بليا"بأنه لا يشتغل هذا الصباح .وبعد حوالي نصف ساعة رأيته يتقدم نحونا ويجلس مثل أي زبون .

تحدثا في مواضيع شتى ، وفي لحظة سألته عن سيد العزيز، فأنكر أن يكون قد عرف هذا الاسم .( في تلك اللحظات كانت أغنية  الشيخ الكروابي وهو يغني .. "البارح كان في عمري عشرين .. البارح كان الزمان سلطاني  واليوم كِي صار خلاَّني" .كلمات  بصوت حنين يحفر عموديا في الوجدان ) لكن حدسي وكلمات الأغنية حفزاني للتدقيق والبحث أكثر، وبعد نقاش فهمت ُأنه أنكر أن يكون رأى معنا في اليومين السابقين شخصا ما، وادعى أننا كنا نأتي لوحدينا أنا وصديقي عبد اللطيف .

ارتبتُ  واعتقدتُ أن له مشاكل مع السلطات الليبية ، فقلت لعبد السلام بصوت خفيض :

-         هل يمثل  سيد العزيزمشكلة  هنا ؟

-         أنتما تختلقان شخصية وتريدان مني أن أعترف بها ...أنا لا أعرف  هاذ مولاي لعزيز،وإذا أردتما أن أكذب وأقول إنني أعرفه ورأيته فإن المخزن ديال الجماهيرية العظمى لن يعترف لكما به .

-         إذن حتى سمدونة غير موجودة آبا عبد السلام !!

-         الله يجيبكم على خير .الغربة شربت عقولكم .آشْ من سمدونة ولا كرونة.لآلة سمدونة هي ولية الله وصالحة  من طرابلس ماتت منذ قرون .

سألته عن أغنية عبد الوهاب فأنكر أيضا أن يكون سمع بها طوال حياته في هذه المقهى أو في غيرها.فأدركت أن الوهم قد اخترقنا عموديا ، فانشطرنا .

قمنا من مكاننا ونحن في غاية الحيرة، عُدنا بسرعة إلى الفندق نبحث عن سمدونة فلم نجدها وقيل لنا بأنا متعبة وتوجد ببيتها تتعبد الواحد القهار.

كان علينا أن ننسى بسرعة سيد لعزيز حتى لا يشكل لنا عقدة .

ذهبتُ ضمن وفد المؤتمر إلى دعوة الغداء ببرج الفاتح ثم عدتُ بسرعة إلى الفندق وأنا حزين .نمتُ لساعتين ونصف رأيتُ فيها حلما تذكرته ولما استفقتُ  دونته بتفصيل حتى لا أنساه .

 

·       أنقدتني من زيف أحلامكَ

رأيتُ في منامي سيد العزيز يكلمني بالدارجة المغربية وهو يضحك وسألني :هل أنت شعيب حليفي ؟ قلت : لا، أنا الغزواني بن محمد، ثم أحسستُ بهبوط وجداني عميق أشد حمرة من دم الحلم الذي طلاني، ومن لون الأرض والغروب والإحساس، بعد ذلك اختفى دون أن يلتفت نحوي .

حزن ثقيل تملكني، وشوق أعظم وزئبقي للقائه ، خصوصا بعدما نمى إليَّ عبد اللطيف بأن داخل تلك المقهى الخربة  توجد الجنة في شكل "قصبة" بداخلها كل شهداء هذه الأرض .

-أنت اختفيتَ أم متَّ آمولاي العزيز ؟قلت له دون أن يرد علي.

مشينا في صمت تحت تدفق الغروب الذي كان حبيس إشارته، فتمددت رائحة مختلفة عتيقة قادمة من فتاة اسمها سمدونة تجلس منعزلة أسفل شجرة خروب، رأيته يقترب منها وقد نسي ارتباكه الأول وهي ما زالت في نفس عمرها الذي خلفته منذ قرون ، منذ كانت تخدم جدي علي الشاوي في قصبته العامرة ، وتشتهي النظر إليه من ثقب الابواب وهو يغازل جدتي ..فتحس كأنما أنوار الحق الطوفانية قد صبغتها زبدا .

عدتُ إلى ارتباكي وأنا أدنو منهما فقلت لها : أنا حفيد علي الشاوي الذي أفنيتِ عمركِ في خدمته  منذ آلاف السنين ؟ ضحكت، ثم أخرجت دفاترها القديمة. ببطء فتحت الصفحات الأربع الأولى، وفي الخامسة لمحت صورة سيد  وقد رسمتها بالرصاص الأسود. لم أتكلم وجلستُ جوار سيد  مثل طفلين يهيئان مؤامرة ضد العصافير القادمة، خمنت هل ستتذكر حينما أشرح لك طرق الصيد بالفخاخ والشباك؟. لم نعد  يا سيد نرث في هذه الدنيا غير غموضك وطهريتك ثم عانقته وأحسست برعشات موروثة أستعيدها من دمي، أغمضت عيني ، ثم هممت بفتحهما فرأيتُني وقد صرتُ أعمى. لم أصرخ، توحدت داخل نفسي هبطتُ إلى وجداني أبحثُ عن منديل رمتني به سمدونة فأبصرتُ  واستفقتُ من حلمي .

 

·       موسيقى

استفقت باكرا ، هيأت حقيبتي .ولما كان لديَّ متسع من الوقت ، أشعلتُ التلفاز وكانت كل القنوات تُخبر عن وفاة المغني الأمريكي مايكل جاكسون .أما قناة الأرتي فتقدم إعادة لمقابلة نصف نهاية كأس القارات المقامة بجنوب افريقيا بين البرازيل ومنتخب جنوب افريقيا.. وصادفتُ الربع ساعة الأخيرة من المقابلة والفريقان متعادلان فتتبعتها وأنا أستمتع بتهويمات المذيع الذي يصف كما يشاء كأننا مشاهدون عميان .وفي لقطة طريفة كان  اللاعب البرازيلي كاكا قد ضيع كرة بعد احتكاك مع لاعب الفريق الخصم فأراد الاحتجاج على الحكم وهو ينظر إلى المدرب .اللقطة الموالية تبرز المدرب البرازيلي يأمر كاكا بمواصلة اللعب لكن المذيع ترجم ذلك قائلا باللهجة المصرية

- انظروا ..المدرب ...يقول لكاكا : العب ياواد العب بلاش فلسفة !!

امتطينا الطائرة الايرباس بعد المرور من سبع نقط تفتيشية  ذقنا خلالها عذابات الوقوف والانتظار قبل أن تقلع بنا  الطائرة بقيادة القائد عبد الله القبيلي في الساعة 10.50 . وكانت هذه المرة ممتلئة بالعمال والعاملات المغاربة .

يدندن  محمد عبد الوهاب في أذني وهو ينهي  أنشودته :

 

أنقذتِني.. من زيف أحلامي وغدرِ مشاعري
فرأيتُ أنكِ كنتِ قيدا حرصتُ العمر ألا أكسِرَهْ
فكسرتِه !
ورأيتُ أنكِ كنتِ ذنبا سألتُ الله ألا يغفره
فغفرتِه
كوني كما تبغين لكن لن تكوني
فأنا صنعتُك من هوايَ، ومن جنوني
ولقد برئتُ من الهوى ومن الجنونِ !!

 

                                                                             

chouaibhalifi@yahoo.fr

 

Partager cet article
Repost0

مجلة وطنية ثقافية شاملة ومحكمة

  • : مجلة دفاتر الاختلاف
  • : مجلة "دفاتر الاختلاف" دو رية مغربية ثقافية محكمة رخصة الصحافة رقم:07\2005 -الايداع القانوني:2005/0165 تصدر عن مركز الدراسات وتحمل الرقم الدولي المعياري/ p-2028-4659 e-2028-4667
  • Contact

بحث

الهيئة العلمية

أعضاء الهيئة العلمية والتحكيم

د.عبد المنعم حرفان، أستاذ التعليم العالي، تخصص اللسانيات، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز فاس المغرب

د.عبد الكامل أوزال، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.أحمد دكار، أستاذ التعليم العالي مؤهل ، تخصص علم النفس وعلوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.محمد أبحير، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال/المغرب

د.محمد الأزمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

د.ادريس عبد النور، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وعلوم التربية والدراسات الجندرية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس/المغرب

د. عبد الرحمن علمي إدريسي، أستاذ التعليم العالي، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس/المغرب

محمد زيدان، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص اللغة العربية وآدابها، المركز  الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد العلمي، أستاذ التعليم العالي ، تخصص الدراسات الاسلامية والديدكتيك، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.محمد سوسي، أستاذ مبرز ، دكتور في الفلسفة، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.سميحة بن فارس، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص الديدكتيك علوم الحياة والارض ، المدرسة العليا للأساتذة فاس / المغرب

د.عزالدين النملي، أستاذمحاضر ، تخصص اللغة العربية والديدكتيك ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

دة.صليحة أرزاز ، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص لغة فرنسية، ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.المصطفى العناوي، أستاذة التعليم العالي مؤهل، تخصص الاجتماعيات ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حسان الحسناوي، أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص اللغة العربية وآدابها ، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين تازة/المغرب

د.عمر اكراصي، أستاذ محاضر مؤهل، تخصص علوم التربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

دة.حنان الغوات، أستاذة التعليم العالي مساعد، تخصص علومالتربية، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مكناس/المغرب

د.حميد مرواني، أستاذ محاضر مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية

والتكوين فاس- مكناس المغرب

   د.عبد الرحمان المتيوي، أستاذ مبرز في الفلسفة، مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس -مكناس /المغرب

د.المصطفى تودي، استاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة

.فاس-مكناس

دة.الخالفي نادية، أستاذة التعليم العالي مساعد، المركز الجهوي لمهن التربية

.والتكوين الدار البيضاء-سطات/المغرب

د. محمد أكرم  ناصف ، أستاذ مؤهل، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس-مكناس المغرب.

هيئة التحرير وشروط النشر

رئيس هيئة التحرير

د.ادريس عبد النور

هيئة التحرير​​

​​​​​د.عمر اكراصي - د.طارق زينون

د.سعيد عمري- ذة. مالكة عسال

ذ.خالد بورقادي إدريسي

الشروط العامة لنشر البحوث:

  • أن يكون البحث ذا قيم علمية أو أدبية، ويقدم قيمة مضافة للحقل المعرفي.
  • أن يتمتع البحث بتسلسل الأفكار والسلامة اللغوية والإملائية.
  • أن لا يكون البحث مستلاً من أطروحة دكتوراه أو رسالة ماستر أو كتاب تمَّ نشره مسبقاً.
  • يلتزم الباحث بإجراء التعديلات التي يقرها المحكمون بخصوص بحثه، حيث يعد النشر مشروطاً بإجراه هذه التعديلات.

المراسلات: Email:cahiers.difference@gmail.com0663314107